ضغوط أمريكا الوهمية
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الإثنين 8 نوفمبر 2010 - 9:48 ص
بتوقيت القاهرة
استكمالا لحديث أمس عن الحوار المتخيل بين مصر والغرب عن الانتخابات خصوصا والديمقراطية عموما فهناك أوهام كثيرة فى الحياة السياسية المصرية منها أن بعض الساذجين يتصورون أن إجراء انتخابات نزيهة فى مصر، موضوع يشغل الولايات المتحدة وأوروبا.
ويعتقد هؤلاء أيضا أن واشنطن وبروكسل يضغطان فعلا على الحكومة المصرية كى تقبل بإشراف دولى لضمان نزاهة الانتخابات.وحتى لا يكون الأمر صعبا نسأل: هل ستشعر أمريكا والغرب وإسرائيل بالسعادة إذا تمت الانتخابات المصرية بنزاهة فعلا وفاز فيها الإخوان المسلمون أو أى فصيل معارض قد يؤثر على المصالح الغربية فى المنطقة سلبا؟!.
الإجابة بالقطع هى النفى، لأنها لو كانت بالإيجاب ما رأينا الغرب يسمح ويدعم كل الأنظمة القمعية فى العالم الثالث منذ بدء العلاقات الدولية وحتى تقوم الساعة.
فى السنوات الأخيرة اكتشفت أنظمة المنطقة ما سمى بفزاعة الإخوان أو الجماعات الإسلامية أو القاعدة، وبدأت تلاعب بها الغرب.الذى تغير هو أن واشنطن اكتشفت أنها «اشترت التروماى» بعد 11 سبتمبر 2001، فالأنظمة الحليفة لها ليست ديمقراطية ولم تستطع منع الهجمات الإرهابية، ولذلك بدأت إدارة جورج بوش الابن تحاول تغيير المعادلة ودمقرطة المنطقة على الطريقة الإسرائيلية.
ولأنها إدارة غبية وجاهلة فشلت فى كل شىء من العراق وأفغانستان إلى إقناع حلفائها بالتغيير.. أما الذى تغير فهو هذه الإدارة نفسها التى قلبت المنطقة رأسا على عقب لصالح إسرائيل.. ولصالح الأنظمة القمعية ايضا.
جاءت إدارة أوباما فى 2008 لتلعب مع الأنظمة بالطريقة القديمة وهى أن تستمر هذه الأنظمة طالما ضمنت مصالح الغرب ولم تدخل فى مواجهة مع إسرائيل، أما ما دون ذلك فهو تفاصيل تافهة من وجهة نظرها.بالطبع فإن الغرب يتمنى أن تكون الحكومات والمجتمعات فى المنطقة على غرار النموذج الغربى.. تعددية، ديمقراطية، علمانية، حريات تعبير، تداول سلطة.. لكن ولأنه ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، فإن الغرب بكل نفاقه المستتر لا يتورع عن دعم أنظمة ديكتاتورية طالما كانت تحافظ على مصالحه.
لا يشغل الغرب أن تكون هناك انتخابات فى السعودية أو ضمان حقوق للمرأة، الذى يشغله هو ضمان تدفق النفط. ولا يشغله حماية حقوق الإنسان فى دارفور أو الجنوب السودانى بل الحصول على توكيلات حقول النفط الجديدة فى السودان بدلا من الصين.
لا يشغل واشنطن الفقر والفساد والإرهاب والعنف الطائفى فى باكستان، بل أن تواصل إسلام أباد دورها فى تنفيذ استراتيجية واشنطن فى أفغانستان. والتاريخ يقول إنها تآمرت على ذو الفقار على بوتو وسلمت رقبته للديكتاتور ضياء الحق، وهناك شكوك فى أنها تخلصت من الأخير، ثم دعمت انقلاب برويز مشرف وكل تاريخها فى هذه المنطقة غير مشرف.
لا «يرمش جفن» لواشنطن وهى تسمع نتنياهو يتبجح بأن إسرائيل دولة لليهود فقط، بل تنشغل فقط باستمرار وجود إسرائيل فى المنطقة لتؤدى وظيفتها الاستراتيجية، وهى خدمة للمصالح الغربية ومنع توحد العالم العربى.
ولا تكترث واشنطن ومعها كل الغرب للون أو جنس أو دين من يحكم، ليس لدى واشنطن مانع من أن يحكم الشيطان فى أى مكان طالما كان يحافظ على مصالحها. حاولوا سرد حلفاء واشنطن فى العالم.. سوف تكتشفون أنهم من كل الأديان والملل والأعراق والألوان.. يجمعهم فقط خدمة المصالح الأمريكية.