إلا الانتخابات
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الإثنين 9 يناير 2012 - 9:05 ص
بتوقيت القاهرة
كيف سيكون شكل يوم 25 يناير المقبل.. وكيف سيمر، وما هى التداعيات التى ستتمخض عنه؟!. أسئلة كثيرة تظل فى علم الغيب وإذا كنا نتمنى أن يمر هذا اليوم بما يفيد مصر وثورتها ومستقبلها، فمن واجبنا أن ننبه إلى أحد أشد المنزلقات خطورة التى يفترض أن ينأى الثوار بأنفسهم عنها.
بعض الأصوات الزاعقة ــ والتى تزعم انتسابها للميدان ــ تتحدث عن ضرورة إعادة عقارب الساعة للوراء وإلغاء كل ما ترتب على استفتاء مارس الماضى ثم نتائج الانتخابات الحالية والبدء فى عملية جديدة يحددها الميدان فقط.
مثل هذا الكلام ــ حتى لو كان الذى يتفوه به قلة قليلة ــ يتم استخدامه كوقود فى «ماكينة تشويه الثورة» المنطلقة الآن باقصى سرعة. البعض عارض الطريقة التى تم بها استفتاء مارس، وبعضهم قال لا لهذا الاستفتاء، لكن أغلبية الشعب قالت نعم، وبالتالى ــ وبغض النظر عن أى ملاحظة ــ فينبغى أن نحترم هذه النتائج.
الأمر نفسه ــ وأكثر كثيرا ــ يفترض أن ينطبق خصوصا على الانتخابات التى توشك الآن على الاكتمال.
لننتقد ما شئنا التجاوزات والانتهاكات التى شابت هذه الانتخابات ولنهاجم القانون الذى نظمها، وتردد المجلس العسكرى ما بين القوائم والفردى وترشح المستقلين، لكن بما اننا ذهبنا إلى الانتخابات فلا سبيل إلا احترام النتائج وقبولها.
القلة التى تهمس حينا وتجهر أحيانا بعدم اعترافها بهذه النتائج تقودنا إلى طريق وعر علينا أن نحذر منه.
الملايين التى خرجت من بيوتها ووقفت فى طوابير التصويت لساعات طويلة لا ينبغى أن يتعامل معها البعض بهذه الخفة. يفترض أن وجود برلمان منتخب يكون قد قضى على الدعوات الخاصة بتشكيل مجلس رئاسى. ومع كل التقدير للشخصيات المقترحة لهذا المجلس أو غيره من المجالس المقترحة، فإن حقائق التصويت الانتخابى قد فرضت واقعا جديدا لا يمكن تجاهله. المسألة باختصار أن أى حل أو تصور يتناقض مع نتائج الانتخابات سيقود إلى كارثة.
نسمع عن دعوات إلى حشد مليونى لفرض حقائق جديدة.. حسنا، وماذا لو تمكنت القوى الفائزة فى الانتخابات من حشد ملايين اخرى فى ميدان التحرير أو غيره من الميادين؟!.
هل سنسمح ــ لا قدر الله ــ بحرب أهلية مثلا. لست إخوانيا أو سلفيا، ولست سعيدا بنتائج الانتخابات، وكنت اتمنى أن يكون لدينا برلمان اكثر تنوعا.. لكن، التيار الدينى، حصد الغالبية، فى انتخابات هى الأفضل منذ بدء تجربة التعددية الحزبية عام 1976. الآن نحن أمام محك عملى لإثبات اننا نؤمن بالديمقراطية فعلا.
يمكن للقوى الثورية ان تجتهد وتبدع صيغا خلاقة تعيد الزخم للثورة وتجسد نتائجها على الأرض بما يعزز التجربة الديمقراطية الوليدة، وآخر شىء يمكن أن يفيد ذلك، هو التشكيك فى الانتخابات. إذا كان الثوار يريدون الإسراع بنقل السلطة من الجيش إلى المدنيين فالطريق الوحيد لذلك الان هو القبول بنتائج الانتخابات.الالتفاف على إرادة الجماهير يعنى اننا نكرر ــ بالحرف ــ السيناريو الجزائرى الكارثى الذى بدأ عام 1990 وقاد إلى مقتل مئات الآلاف.
قد يكون الثوار تعرضوا لخديعة سواء من الجيش أو من الاخوان ــ أو حتى من أنفسهم ــ بما أدى إلى وصولهم لهذه الحالة، لكن الخروج من هذا المأزق لا يكون عبر التنكر لنتائج الانتخابات.
يمكن تفهم أحباط الثوار مما حدث بعد عام من الثورة، لكن وإذا كنا لا نستطيع استبدال الشعب بشعب آخر، فالحل الوحيد هو اقناعه بالتغيير عبر الوسائل الديمقراطية فقط.