من الأفضل أن يقدّم الأمريكيون تبريرات أفضل
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الأحد 9 فبراير 2014 - 4:30 ص
بتوقيت القاهرة
قبل ثلاثة أيام استمعت فى مؤتمر الأمن الذى عقد فى ميونيخ فى ألمانيا إلى الخطاب الذى ألقاه وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى ووجه خلاله تهديداً مبطناً إلى إسرائيل فحواه أنها ستدفع ثمناً باهظاً إذا ما رفضت الاستجابة إلى الخطة التى صاغها للتوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين. وأدى هذا التهديد إلى أن أكتشف أننا لسنا مجرد مصابين بوسواس الملاحقة.
لقد تحدث وزير الخارجية الأمريكى عما سماه «وهم الأمن» الذى نعتقد أننا نحظى به. لكن يجدر تذكيره بأن أمننا لا يقوم على أساس أى أوهام، ويكفى أن نعيد إلى الأذهان ما حدث للأوغاد الذين قتلوا الرياضيين الإسرائيليين فى ميونيخ سنة 1972، حيث قامت إسرائيل بتصفية الحساب معهم فرداً فرداً.
قبل خمسة أشهر تحدث كيرى عن واجب المجتمع الدولى فى أن يعاقب الرئيس السورى بشار الأسد بعد أن تبين أنه استعمل سلاحاً كيميائياً ضد سكان مدنيين. وقال حينها «إن امتحاننا هو امتحان ميونيخ»، وقصد أن المجتمع الدولى حاول قبل الحرب العالمية الثانية أن يصالح الزعيم الألمانى النازى أدولف هتلر ولم ينجح فى الامتحان فى واقع الأمر، فإن إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما لم تنجح فى نهاية المطاف فى الامتحان الذى تحدث عنه كيرى ولم يعاقب بشار الأسد، فالطائرات الأمريكية لم تنطلق لمهاجمة الأهداف التى جرى تحديدها. فضلاً على ذلك، فإن كيرى والأوروبيين لا يوجهون إصبع الاتهام إلى الفلسطينيين، ولا ينتهجون مقاربة متشددة إزاء الإيرانيين، ولكنهم يغازلون بحماسة كبيرة وزير الخارجية الإيرانى محمد ظريف، ويحتضنون الفلسطينيين.
إن كيرى الذى تأثر إلى حدّ كبير برد فعل إسرائيل الفظ على التهديد المبطن الذى وجهه، أشار إلى أن الإسرائيليين سيشعرون بالضرر من خلال جيوبهم.
ونطق بهذه الأقوال على بعد بضع مئات الأمتار من نصب تذكارى لـ«ليلة البلور» فى ميونيخ، وهى الليلة بين التاسع والعاشر من نوفمبر 1938 التى سلبت وهدمت فيها كنس ومصانع وأملاك لليهود فى ألمانيا. ولا بُد من الإشارة إلى أن الألمان لا ينسون الفظائع التى ارتكبوها بحق الشعب اليهودى وهم مستمرون فى ابتكار الطرق الكفيلة بحفظ الذاكرة.
وكى ندعو مجالاً للشك، نقول إن كيرى لم يكن حذراً فى كلامه، فثمة أسباب كثيرة تبرّر نقد سلوك إسرائيل تجاه الفلسطينيين، ومع ذلك من الأفضل أن يقدّم أصدقاؤنا الأمريكيون تبريرات أكثر إقناعاً من التهديدات التى أطلقها كيرى.