تغيير الممثلين.. واستمرار المخرج
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الإثنين 9 أغسطس 2010 - 10:47 ص
بتوقيت القاهرة
كلما تشدد قادة ومسئولو أحزاب المعارضة فى نفيهم لوجود صفقات انتخابية مع أجهزة الأمن والحزب الوطنى، زاد اقتناع المرء بوجود صفقة بالفعل. ومن كثرة التكرار صار الأمر يشبه أن يقسم اللص بأنه شريف رغم أن «محفظة الزبون» تكون ظاهرة فى يده.
ومن الآن وحتى تعلن نتائج الانتخابات البرلمانية شتاء هذا العام، فسوف نجد آلاف القصص الإخبارية فى وسائل الإعلام المختلفة عن الصفقات السياسية.
كما سنجد قادة الأحزاب يقسمون بأغلظ الأيمانات أنهم لا يحبون الحكومة ولا يطيقونها، فكيف بهم يعقدون صفقات معها.
لكن وحتى لو أقسموا على المصحف والإنجيل والتوراة فلا تصدوقهم.
الصفقات فى عالم السياسة أمر طبيعى تماما.. والسياسة نفسها تقوم على توازن القوى فى المجتمع وعلى الصفقات أحيانا وليس على المبادئ والمثل الأخلاقية العليا.. ومن يخبركم غير ذلك فلا تصدقوه أيضا.
لكن الفارق بيننا وبين العوالم الطبيعية الأخرى أن لديهم هناك وعيا مرتفعا وممارسة سياسية صحيحة، ولذلك فالصفقات شبه معلنة والتحالفات تتم فى النور.. والناخب عندما يذهب للإدلاء بصوته، يعرف أن النائب الذى سيصوت له لن يغير جلده من مستقل إلى حكومى أو من هذا الحزب إلى ذلك بعد فوزه مباشرة.
الصفقة أو الصفقات بين الحكومة والمعارضة إن لم تكن قد تمت فعلا فسوف تتم إن آجلا أو عاجلا قبل انتخابات الخريف المقبل، والسبب ببساطة أن الطرفين يحتاجانها «احتياج المدمن لشمة الهيروين».
الحكومة تحتاج من أجل استمرار الديكور الديموقراطى إلى بعض المعارضين فى مجلس الشعب، يقدمون استجوابات وطلبات إحاطة وأسئلة للوزراء، يشوحون فى الهواء نهارا بأوراق ومستندات ويصرخون فى ميكروفونات الفضائيات ليلا عن الفساد وغياب الديمقراطية، ويطالبون بإقالة هذا الوزير أو ذاك المدير، شرط ألا يتحدثون عن تغيير النظام نفسه. هذا «الشو» سيقدم للبسطاء وأنصاف الأميين والعالم الخارجى إحساسا بأن لدينا تعددية فعلا.
المعارضة أكثر احتياجا لهذه الصفقة من الحكومة والسبب أنها صارت معارضة «فالصو» لا يستطيع «اتخن» حزب فيها أن يحشد مظاهرة سلمية من عشرة آلاف مواطن فى بلد تعداده 80 مليون نسمة، معظمهم فقراء ومطحونون.
الحكومة جربت هذه اللعبة الجميلة فى المجلس الماضى، ونجحت نجاحا باهرا، لكنها تريد تغيير المعارضين، لأن غالبيتهم من الإخوان، وهى لم تعد تطيقهم بعد نهاية الزواج السرى بينهما.
ولأن المعارضة فى مصر صارت عاجزة ومشلولة و«حالها يصعب على الكافر» ولا تريد أن تدفع ثمن التغيير الحقيقى، فقد قررت أن تكمل انتحارها السياسى وتقبل بما تقدمه لها الحكومة من فتات. وترضى بمقعد لكل منها فى الشورى.. وعدد، الله أعلم به فى مجلس الشعب.
وأغلب الظن أن الشق المهم فى الصفقة هو أن يقدم كل حزب من هذه الأحزاب المعارضة ــ خصوصا ما تسمى بالكبار ــ بمرشح يكمل الديكور الديمقراطى فى انتخابات الرئاسة المقبلة.
ليس سبقا صحفيا، ولكن أغلب الظن أن المشهد فى مجلس الشعب المقبل سيكون كالآتي:
أكثر من 70٪ للحزب الوطنى بعد أنضمام المستقلين بالطبع وتوزع الـ30٪ الأخرى على الجميع حسب رؤية الحكومة للأوزان النسبية للمعارضة، وأغلب الظن أن الوفد ــ فى ثوبه الجديد ــ سيحصد النسبة الأكبر ومعه التجمع والناصرى، وربما خمسة أو عشرة مقاعد للإخوان، إضافة إلى نجوم سينما ومسرح وتليفزيون ولاعبى كرة وبالطبع سيدات كثيرات بعد تطبيق الكوتة.
باختصار سوف يتغير المسرح كاملا.. لكن المسرحية سوف تستمر وكذلك المخرج.