من الإنكار للإرهاب
عماد الغزالي
آخر تحديث:
الإثنين 9 سبتمبر 2013 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
إنكار فمظلومية فتكفير فإرهاب..
هذا هو التطور الطبيعى لجماعة تتجه باختيارها شيئا فشيئا إلى العزلة، مستعيدة بصورة ما، صيغة جماعة التكفير والهجرة التى قتلت الشيخ الذهبى، والتى كان مؤسسها شكرى مصطفى عضوا فى الإخوان، قبل أن يؤسس تنظيمه الخاص فى الثمانينيات.
لا مفاجأة فى محاولة اغتيال وزير الداخلية.
لا مفاجأة أيضا إن قلنا إن محاولات الاغتيال ستتكرر، السيسى هو المطلوب رقم واحد، والقائمة تضم آخرين، سياسيين وإعلاميين وشخصيات عامة، هذا ما أعلنته صحافة المتأسلمين وفضائياتهم، التى نشرت قوائم المطلوبين وعناوينهم وتحركاتهم، كى يسهلوا على القتلة مهمتهم، ويتباكون الآن على إغلاق منابر التحريض تلك، باعتبارها تقييدا لحرية التعبير وتضييقا على الرأى الآخر.
لا يحدث القتل لأن شخصا قرر من تلقائه أن يقتل.
يحتاج القتل لما هو أكثر، إلى الكراهية، وهو ما فعلته باقتدار منصتا رابعة والنهضة قرابة شهرين فى اعتصام المتأسلمين «السلمى».
ليس مهما أن يكون من نفذ محاولة اغتيال الوزير، أو قتل الجنود فى سيناء، أوألقى القنابل على أقسام الشرطة، أو زرع المتفجرات على شريط سكة حديد السويس عضوا فى الجماعة أم لا.
القاتل ليس سوى أداة، منفّذ لفعل دفعه إليه آخرون، بالتحريض والشحن والغواية والتدليس، بأكاذيب لوثوا بها عقله وروحه، زاعمين أنها من الشرع ومقاصده.
من حاول قتل نجيب محفوظ لم يقرأ له حرفا، لكنهم قالوا له إنه كاتب داعر، يشجع على الفسق والرذيلة.
من قتلوا فرج فودة لم يعرفوا أفكاره، لكن قيل لهم إنه علمانى ينكر المعلوم من الدين بالضرورة.
من قتلوا السياح فى الأقصر، ونسفوا حافلتهم أمام مجمع التحرير، وأشعلوا تفجيرات طابا،وقتلوا عشرات من ضباط الشرطة فى الثمانينيات والتسعينيات، كانوا ينفّذون أوامر من أفتى لهم بضرورة الخلاص من هؤلاء المناكيد الأنجاس.
فى محاولة اغتيال وزير الداخلية وغيرها من عمليات التفجير والحرق التى جرت والتى ستجرى، فإن المجرم هو من أفتى باستحلال دم جنود الجيش والشرطة باعتبارهم كفارا لا يستحقون الحياة.
هو من حمّر عينه متوعدا من يرش مرسى بالميه فإنه سيرشه بالدم.
هو من قال: قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار.
هو من تمسك بالكرسى رغم الرفض الشعبى الجارف معلنا أنه الرئيس الشرعى وأن تركه لمنصبه دونه رقبته.
هم من ألبسوا الأطفال أكفانا وقالوا لهم إن الموت فى سبيل مرسى أسمى معانى الحياة.
هم الكذبة من أبواق الجماعة فى الصحف والإعلام، الذين يزيفون الحقائق ويصرون على إنكار انتفاضة شعبية خرج فيها المصريون بالملايين ويصفونها بالانقلاب، ويواصلون النفخ فى «مظلومية رابعة» خالقين كربلاء جديدة، يتباكى ضحاياها على من قتلوا غدرا وهم ساجدون متضرعون لله.
صورة ذهنية بائسة، يستند فيها المدلسون إلى بيانات كاذبة يطلقها من يسمون أنفسهم تحالف دعم الشرعية، والحقيقة أنهم تحالف لدعم الإرهاب، يشعلون نيرانه ويمنحونه غطاء شرعيا، ثم يؤكدون أنهم سلميون، ويتنصلون من العنف والإرهاب.
القتل يبدأ من الدماغ قبل أن يضغط القاتل على الزناد، أو يفجر نفسه فيمن حوله.