حديث محلب وطالب العلوم السياسية
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الثلاثاء 9 ديسمبر 2014 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
أحد طلاب كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وقف فى قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة مساء يوم الأحد الماضى متحدثا إلى المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء قائلا: لم أكن أتصور أنهم سوف يسمحون لى بالحديث إليك.
الشاب قال إنه سيتحدث عن السلبيات ويرجو من الحضور أن يسمعوه. محلب قال له: «تفضل» فتكلم الشاب عن التعليم والتنمية والشباب.
عندما انتهى الشاب من حديثه صفق له الحاضرون الذين ملأوا القاعة وعاد إلى مكانه وهو يشعر بالرضا لأنه كان يريد أن يتحدث وأن يسمعه رئيس الوزراء ويناقشه وتحقق له ما أراد.
يوم الأحد استضافت جامعة القاهرة ورئيسها الدكتور جابر جاد نصار رئيس الوزراء فى لقاء مفتوح فى بدء موسمها الثقافى بحضور وزير التعليم العالى الدكتور السيد عبدالخالق وعدد كبير من الوزراء منهم أشرف العربى «التخطيط» وغادة والى «التضامن» وعادل لبيب التنمية المحلية وخالد عبدالعزيز «الشباب» والعديد من الشخصيات العامة.
اللقاء المفتوح استمر أكثر من ثلاث ساعات، لكن أبرز ما ميزه كان السماح لعدد كبير من الطلاب والأساتذة والعاملين بالحضور. أحد ممثلى العاملين احتج على عدم طرح سؤاله، وطلب منه محلب أن يتحدث مباشرة، فتكلم الرجل مطولا منتقدا عدم استجابة الجامعة لمطالب العاملين، ورد عليه وزير التعليم العالى بأن القانون لا يزال رهن الدراسة.
رئيس الوزراء قال إنه اشترط فى بداية اللقاء أن يتم السماح للجميع بالحديث. الرجل المعترض أنهى كلامه شاعرا بالراحة بعد أن قال كل ما لديه.
ما هو المغزى من قصة طالب الاقتصاد وممثل العاملين، وغيرهما من الذين تحدثوا فى اللقاء المفتوح؟!.
المغزى أن الناس سواء كانوا شبابا أو موظفين يريدون أن يتحدثوا وأن تسمعهم الحكومة.
للأمانة وللموضوعية كان محلب صادقا وهو يصر على أن يسمع الجميع، وعندما تحدث الكثير من أساتذة الجامعة فى بداية اللقاء سأل: أين الطلاب.. أريد أن نسمعهم؟!.
تحدث طلاب، وتحدث أساتذة عن الأوضاع والمشاكل المعروفة للجميع وصفق الحاضرون كثيرا، لكن الشىء الذى انطبع فى ذهنى فى هذه الأمسية، هو أن الأزمة بين الحكومة والشباب يمكنها أن تبدأ فى الانفراج إذا قرر الطرف الأول أن يجلس مع الطرف الثانى ويستمع إليه من دون أى شروط مسبقة.
خلال اللقاء طلب محلب من خالد عبدالعزيز أن يجلس مع الشباب ويستمع إليه فى لقاء عنوانه «ما هى رؤية الشباب التفصيلية فيما يتعلق بتمكينه؟!».
جميعنا نتحدث عن أزمة الشباب وتمكينه، لكن لا أحد فينا يناقش إجراءات محددة تساهم فى حل المشكلة.
لا أعرف المعايير التى تم الاحتكام إليها فى اختيار طلاب جامعة القاهرة الذين حضروا لقاء رئيس الوزراء، وهل هم من المؤيدين للحكومة أم كان الاختيار عشوائيا؟!.
الشاب الذى تحدث من كلية الاقتصاد منتقدا يعنى أن الاختيار كان «مفتوحا إلى حد ما».
من الأشياء الإيجابية إصرار محلب على الاستماع إلى الطلاب، وحديثه التلقائى معهم، لكن من المهم أن يتم ترجمة ذلك إلى إجراءات ملموسة على أرض الواقع حتى تنجح الدولة فى استعادة الشباب، وبالتالى نستطيع الانطلاق إلى الأمام فلا تقدم من دون هؤلاء.
الفرصة لا تزال موجودة، ومن حسن الحظ أن أحد الزملاء الصحفيين طلب من رئيس الوزراء رفع شعار «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»، لمواجهة الإرهابيين، لكن محلب قال للزميل: «نحن مصممون على مواجهة الإرهاب، لكن مصممون أيضا على التمسك بسيادة القانون».
جيد أن يجلس الدكتور خالد عبدالعزيز مع الشباب، وجيد أن يتحدث إليهم محلب ويستمع إليهم، وجيد جدا أن يستقبلهم السيسى.
هذه بداية لا بأس بها، شرط أن تقود إلى خطوات عملية.