رسائل قمة العرب الطارئة
طلعت إسماعيل
آخر تحديث:
الإثنين 10 فبراير 2025 - 7:15 م
بتوقيت القاهرة
حتى فى أضعف الحالات يمتلك العرب الكثير من الأوراق للدفاع عن مصالحهم فى مواجهة الضغوط العاتية التى تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، مع تكرار التصريحات الصادرة عن واشنطن وتل أبيب عن تهجير الفلسطينيين من أرضهم، وكان آخرها ما أسماه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب التزامه «بشراء غزة وامتلاكها، وربما إعطاء أجزاء منها لدول أخرى فى الشرق الأوسط لبنائها».
تصريح ترامب وجد ترحيبًا متوقعًا من حليفه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو الذى وصفه بالاقتراح «الثورى»، وبـ «النهج المختلف والأفضل بكثير لإسرائيل»، ولِمَ لا وقد تحالف الشريكان على تهجير الفلسطينيين إلى خارج قطاع غزة فى أول لقاء لهما عقب تنصيب ترامب رئيسًا فى 25 يناير الماضى، على الرغم مما يواجهه موقفهما من رفض عربى ودولى.
يلعب الإسرائيليون بنيران أعواد ثقابها جلبت من واشنطن، غير عابئين بما يمكن أن تحرقه على صعيد الاستقرار الإقليمى والدولى، وما يمكن أن تسببه من خراب ودمار لمنطقة الشرق الأوسط ومحيطها، وقد تتسع معها دائرة المواجهات والنزاعات فى العالم، وبما يهدد بنذر حروب كامنة ربما تدفع البشرية ثمنًا فادحًا إذا أفلتت من عقالها.
فى ظل هذه الأجواء تأتى القمة العربية الطارئة التى ستعقد فى القاهرة يوم 27 فبراير الجارى، تحت عنوان عريض هو «القضية الفلسطينية» وسط التهديد الأمريكى السافر بتصفيتها، تحقيقًا لحلم الإسرائيليين الدائم بتنفيذ خرافاتهم التوراتية عن «إسرائيل الكبرى»، وهو ما يدعو العرب إلى شحذ ههمهم، والمبادرة بالدفاع عن وجودهم الذى تمثل القضية الفلسطينية جوهره الحقيقى.
وإلى جوار رد كل دولة عربية على حدة على مخطط تهجير الفلسطينيين، ينتظر الجميع أن تتخذ القمة العربية الطارئة، موقفًا عربيًا جماعيًا، يشكل الكلمة الفصل الموجهة إلى واشنطن وتل أبيب بشأن حق الفلسطينيين فى إقامة دولتهم المستقلة، وعدم التعامل باستهانة واستخفاف مع حقوق الشعوب، ومع مئات الملايين من البشر الذى خرجوا إلى الشوارع فى عديد البلدان، بما فيها الولايات المتحدة، لدعم الفلسطينيين، خلال العدوان الإسرائيلى على غزة طوال 15 شهرًا.
أمام القمة العربية الطارئة مهمة واضحة لبلورة موقف عربى، يبعث بعدة رسائل إلى الحليفين «ترامب ونتيناهو» تؤكد أولها على الرفض القاطع لتهجير الفلسطينيين، أو توطينهم فى أى دولة عربية، ومنع تصفية قضيتهم، تحت أى ظرف من الظروف.
وإذا كان الرئيس الأمريكى يقول إنه «لا يوجد شىء فى غزة للعودة إليه». وأن «المكان عبارة عن موقع هدم. سيتم هدم الباقى. سيتم هدم كل شىء»، فإن الرسالة الثانية للقمة العربية يجب أن تؤكد على أن إعادة إعمار غزة سيكون فى وجود الفلسطينيين الذين عادوا بمئات الألوف إلى شمال غزة سيرًا على الأقدام فى إصرار على التمسك بأرضهم ورفض اقتلاعهم منها، ومع التأكيد أيضًا على إعادة تعمير القطاع سيكون بأيادٍ فلسطينية بالأساس وبمساعدات عربية ودولية.
الرسالة الثالثة للقمة يجب أن تأخذ الملف الفلسطينى إلى كل محفل دولى، لممارسة أقصى الضغوط على الإسرائيليين والأمريكيين لتحمل فاتورة الدمار الذى لحق بقطاع غزة وتم بقوات إسرائيلية وذخائر أمريكية.
الرسالة الرابعة يجب أن تتضمن التلويح بالمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة فى المنطقة والتى لا يمكن الاستغناء عنها لقوة عظمى تواجه تحديات صينية وروسية بل وأوروبية، مع استدعاء الخطاب المالى والاستثمارى الذى يفهمه الرئيس الأمريكى.
وإلى جانب الرسائل الموجهة إلى واشنطن وتل أبيب يجب أن تخرج رسالة إلى الفلسطينيين أنفسهم تدعوهم إلى وحدة الصف وإنهاء فوضى الاختلاف والشقاق والتنازع الممتد لسنوات، وأن يعلموا أن الانقسام الفلسطينى كان سببًا فى فتح أبواب الجحيم لتصفية القضية الفلسطينية وإعطاء لكثير من الأطراف ذرائع التنصل من الدفاع عن حق الشعب الفسطينى فى إقامة دولته المستقلة.
تلك بعض من الرسائل التى يجب أن تخرج عن القمة العربية الطارئة، وفى ذلك فليتنافس المتنافسون لمنع الكارثة التى تحدق بالفلسطينيين والعرب على السواء فى منعطف تاريخى «خطير» لا يهدد مستقبل العرب وحدهم، بل جيرانهم الأقربين من الأوروبيين والأفارقة والآسيويين.