نظامنا المستبق فى گل شئ
أهداف سويف
آخر تحديث:
الخميس 10 أبريل 2014 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
نويت أن أكتب مقال هذا الأسبوع عن موضوع الفحم، وأن أتساءل عن آليات اتخاذ قرار هكذا يجهر بعدم الاكتراث بصحة المواطنين وسلامة بيئتهم ــ بالذات وقد أدارت البلاد القادرة ظهرها لهذا المصدر للطاقة بعد ما ثبت كم الضرر الذى يُلحِقه بـ ثم فوجئت بظهور بعض الأخبار عن اعتزام الدولة هدم مبنى الحزب الوطنى المحترق وتحويل الموقع إلى حديقة، فقررت أن الأفضل هذا الأسبوع أن أستعمل هذه المساحة لأعترض على ــ بلاش نقول «العداء»، خلينا فى «عدم الاكتراث» بتاريخنا، ولألفت النظر إلى أهمية هذا المبنى للتعليم وللسياحة بما يتيحه من فرصة لإعمال الخيال فى أساليب مختلفة لحَكى تاريخ عقودنا السبعة الماضية، ولأُذَكِّر القراء الكرام بـ«مبادرة تحويل مقر الحزب الوطنى إلى ذكرى حية للثورة المصرية» (الرابط http://tinyurl.com/pnlz9bh) وبالأفكار المبتكرة والشيقة التى تتفجر منها وأن فجأة، جاءت أخبار ردم منطقة حفائر الفسطاط والتى تحولت بعد فبراير ٢٠١١ إلى مقلب زبالة لمحافظة القاهرة ويقول الخبر الحالى: «منذ حوالى شهر تقريبا فوجئنا بحالة من الهمة والنشاط من عربات تابعة للمقاولين العرب تقوم برفع الزبالة..
وفوجئنا بأخبار تتوارد عن ان المنطقة سيتم نزع ملكيتها كأرض تابعة للآثار لتتبع المحافظة لا نعلم ان صح الخبر بأى حق يتصرف وزير الاثار الذى فشل على مدار فترة ولايته للوزارة بالتصرف فى موقع اثرى مهم..» (الرابط http://tinyurl.com/nugjry8) فقلت ربما هذا أمر عاجل أكثر، وهو فى النهاية يتعلق بألف عام من التاريخ وليس فقط ستة أو سبعة عقود ويا ناس من فات قديمه تاه وها هو مدير المنطقة الأثرية بنفسه يستغيث ــ وكنت أفكر فى كل هذا على أنغام موسيقى صاخبة فى تاكسى انقَطَعَت فجأة لأجدنى أستمع إلى مذيع يعلن خبر فصل ٢٧ طالبا وطالبة فصلا نهائيا من جامعة الأزهر ونبرة صوت المذيع ولغة الخبر تعبر عن الإعجاب بجرأة مدير الجامعة الذى بز أقرانه من مدراء الجامعات فأنار أمامهم طريق التعامل مع الطلبة الذين يفلتون من رصاص الداخلية وسجونها وأقسامها ويبدون مصرين على الاستمرار فى الحياة والبحث عن مستقبل تكون ظلمته مش حالكة قوى، فبدأت أبحث فى تطورات موضوع الطلبة، المعتقل منهم والموقوف والمطرود فطلعت لى قصة عمر جمال الشويخ اللى عمره ١٩ سنة واللى خرج من كليته (الدراسات الإسلامية والعربية بالأزهر) يوم ٢٤ مارس اللى فات ده واحتُجز قرب موقف الحى السابع بمدينة نصر ليبدأ تجربته فى قسم مدينة نصر ثانى وسأعفيكم ما فيها من تفاصيل عن الربط والجلد والتغمية والكهربة وانتهاك أخص مناطق الجسد) وهى موجودة على العموم على الرابط http://tinyurl.com/p3wae9v) وأوصلكم فقط إلى ٨ أبريل حيث نجح زملاء عمر فى زيارته فى الحجز فوجدوه «لا يستطيع الكلام ويقف بالعافية ويطلب منهم ان ينجدوه وان يأتوا له بمحامى الليلة ويريد رؤية أمه» ــ وعن الأمهات والأطفال قفز إلى نظرى أيضا الخبر الآتى أورده كله لخطورته:
الطفل محمد خميس، محبوس احتياطيا على ذمة القضية رقم ٤٣٧١٨ لسنة ٢٠١٣ جنح أول المنتزة.
مريض بالروماتيزم من قبل القبض عليه ومن حوالى أسبوعين شعر بآلام فى القلب وتم الكشف عليه بمعرفة دكتور دار رعاية الأحداث واللى طلب تحاليل وأشعات، ورفضت الداخلية نقل الطفل للمستشفى الجامعى، فتم تقديم طلب فى النيابة اللى امرت بانتقال مفتش صحة واللى كتب فى تقريره، بدون الكشف على الولد، ان الطفل ﻻ يعانى من شئ وعندما تحدثت معه والدة الطفل قال لها مش عاجبك روحى اشتكينى.
فى الإسكندرية قُصَّر محبوسون احتياطيا على ذمة قضايا مظاهرات اصيبوا بمرض الغدة النكافية (العدد وصل الى ١٢ طفلا مصابا فى الإسكندرية، والجديد ان احد الاهالى بيقول انه تم نقلهم للحميات ورفض المستشفى استقبالهم لشدة العدوى وأن الأعراض ظاهرة على الاطفال لدرجة أن أهاليهم فجعوا....
اسماء الاطفال وارقام القضايا اللى قدرنا نوصلهم:
١ــ محمد محمود عباس، ٢١٩ لسنة ٢٠١٤ ادارى رمل اول، ١٢٢ لسنة ٢٠١٤ جنح احداث)
٢ــ احمد رضوان حسن، ١٥٢ لسنة ٢٠١٤ ادارى المنتزة اول )
٣ــ مصطفى الحسينى عبدالواحد،٢٠٠٥٠ لسنة ٢٠١٣ ادارى المنتزة اول )
٤ــ هشام حسين هاشم، ٣٣٨ لسنة ٢٠١٤ جنح أحداث ولسه بدور على الرقم الادارى)
٥ــ محمد امام، لم اتوصل لرقم القضية حتى الآن)
ولم اتوصل لباقى اسامى الاطفال
الرابط: http://tinyurl.com/lvy32v3
وتداخل هذا البلاغ عندى مع نبأ رفض الاستئناف على حكم أحمد دومة وأحمد ماهر ومحمد عادل ليستمر حبسهم ٣ سنوات ــ ويؤلمنى أن أشعر بوجوب لفت النظر هنا إلى أن الشباب الثلاثة لم يحاكموا بتهمة تخابر أو تمويل أو حديث فى التليفون ــ ولو كان عند النظام فتفوتة دليل ضدهم لأظهرها واستعملها ــ لكنهم حوكموا وسجنوا بمقتضى قانون التظاهر وهو القانون الذى سيضرب به المثال على كيف تسن وتطلق القوانين الظالمة، سيضرب به المثال على أن القانون ليس فوق العدل، وأن القانون إن لم يستلهم ما يعرفه الناس من العدالة الطبيعية فهو أداة ظلم لا يجب الالتزام بها بل يجب على المواطن الذى يحترم نفسه ويحترم وطنه ويحترم فكرة القانون وفكرة العدالة أن يعمل على إسقاطه.
لن أضيف صوتا إلى الأصوات حسنة النية التى تتساءل كيف تجَرِّم التظاهرات حكومة جاءت بالتظاهرات؟ أو التى تشيد بمبارك لأنه كان ــ فى نهايات عهده ــ يتحمل التظاهرات. هذه الحكومة ليست حكومة ثورة، ولم تأت بها التظاهرات؛ أتى بها دهاء النظام وتمكنه من صلاحيات وأجهزة الدولة المصرية، وصداقاته ــ أو لنقل ما له من علاقات منفعة متبادلة ــ مع تشكيلة من النظم الرجعية، واستطاع أن يستخدم التظاهرات أداة له. لم تأتنا حكومة ثورة فى أى يوم، بل أتتنا أشكال مختلفة من نظام قديم يحاول فى كل ظهور جديد له أن يتخذ الشكل الأمثل للمرحلة. ولأن النظام يعرف الآن خطورة التظاهرات وخطورة المعارضة وخطورة الشباب فهو فى حرب معها، حرب لا يريد فيها حتى أن ينتظر تواجد برلمان ليشرع القوانين بل يستبق ــ يستبق فى التشريع، وفى الحبس، وفى التعاقدات، وفى الهدم، وفى القتل أيضا.
ولأوفر على بعض من يقرأون هذه الكلمات ــ لأوفر عليهم أن يكلفوا خاطرهم ويرسلوا تعليقات عن البلاد «الديمقراطية المحترمة» التى تتمتع بقوانين ضد التظاهر: نظرت فى القانون البريطانى فوجدت أن على منظم المسيرة ــ أى مسيرة ــ أن يخطر الشرطة كتابة قبل ستة أيام، وأن يخطر الشرطة فى أسرع وقت ممكن إن نظم «مسيرة مفاجئة»، وأن الشرطة ليس لها أن تمنع المسيرة ولكن لها أن تُعَدِّل مسارها، وتقول التعليمات صراحة إنه «لا ضرورة لإخطار الشرطة إن كان الاحتجاج أو التظاهر لن يأخذ شكل مسيرة، وأن الشرطة لا تتدخل فى الاعتصامات التى لا تعطل الطريق العام». وفى جميع الأحوال فمخالفة أو تجاهل القانون هنا يحاسب بالغرامة المالية البسيطة لمنظم المسيرة وليس للمشارك فيها ــ أثناء كتابة المقال جاء هذا الخبر: «تم منذ قليل القبض على محمد عبد المتجلى طالب بالإعدادية أثناء عودته إلى المنزل على دراجاته من أمام مول السراج بعد انتهائه من درس. صادف عودته وجود كمين تم عمله بعد مرور مسيرة، فقُبض على محمد وهو الآن بقسم أول مدينة نصر وقام القسم بإبلاغ الأهل أن من سيتوجه إلى القسم سيتم القبض عليه».
الرابط:http://tinyurl.com/lq7r6fm
إيقاف العمل بقانون التظاهر لن يردع المؤسسة الأمنية، لكنه سيحرمها من إحدى أدواتها. هو بداية ضرورية، وحملته تبدأ اليوم.