هيمنة إيران والصين على صناعة النفط العراقية
صحافة عربية
آخر تحديث:
الأربعاء 10 أبريل 2024 - 7:20 م
بتوقيت القاهرة
نشرت جريدة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكاتب وليد خدورى، يشير فيه إلى ازدياد النفوذ الإيرانى والصينى على صناعة النفط فى العراق، كما تثير الاستثمارات النفطية الصينية مخاوف الكاتب من سيطرة شركات بلد واحد على معظم الاستثمارات البترولية فى بلد تغيب عنه المراقبة والشفافيات اللازمة... نعرض من المقال ما يلى: وافقت هيئة الاستثمار الوطنى العراقية على منح امتياز لشركة «حلفايا للغاز» (شركة متفرعة عن شركة بتروتشاينا الصينية) لمشروع معالجة الغاز المصاحب من حقل «نهر عمر» (محافظة البصرة)، بحسب الدورية الأسبوعية الباريسية النفطية «بتروستراتيجيز».
ويبلغ إنتاج الغاز المصاحب لحقل نهر عمر 300 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز، أو نحو 3.1 مليار متر مكعب سنويا.
ومن المقرر إكمال تنفيذ المشروع بحلول ربيع عام 2027. وبحسب «بتروستراتيجيز»، يبلغ الاحتياطى الغازى العراقى نحو 3.715 مليار متر مكعب، يشكل نحو 70 فى المائة منها «الغاز المصاحب» (الغاز المصاحب لإنتاج النفط الخام الذى يتم حرقه حاليا).
ويشكل الغاز المصاحب نحو 70 فى المائة من مجمل احتياطات الغاز العراقى. ومن المعروف أن الطيران الأمريكى نسف خلال الحروب السابقة شبكة تجميع الغاز المصاحب التى كانت قد شيّدتها الشركات الروسية خلال العهد السابق، ما نتج عنه تلوث واسع، حيث يعدّ العراق اليوم واحدًا من أربع دول هى الأكثر تلوثًا فى العالم.
كما أن خسارة الغاز المصاحب تكبد العراق خسائر مالية جسيمة؛ حيث إنه يضطر إلى استيراد الغاز والكهرباء من إيران لقاء مليارات الدولارات سنويا. احتجت الدول الغربية، على رأسها الولايات المتحدة، على دفع العراق المبالغ الضخمة لإيران سنويا، لمحاولاتها فرض الحصار الاقتصادى على إيران، وتقليص العلاقات الاقتصادية بين بغداد وطهران، والحد من النفوذ الإيرانى فى العراق، المدعوم من قبل مجموعات سياسية عراقية نافذة. علما بأن العراق جدّد قبل أشهر، اتفاقية استيراد الغاز والكهرباء من إيران.
كما تحاول بغداد تنويع مصادر استيراد الغاز. وبحسب «بتروستراتيجيز»، تم توقيع اتفاق لاستيراد الغاز من تركمانستان بنحو 9 مليارات متر مكعب على مدى خمس سنوات، لكن ستمتد الأنابيب لنقل الغاز التركمانستانى عبر إيران، مما يعنى أنه ستستمر إيران فى هيمنتها على الإمدادات الغازية. وتضيف «بتروستراتيجيز» من ناحية أخرى، أن النفوذ على صناعة النفط العراقية، على المدى الطويل، سيكون ليس فقط من قبل إيران، بل أيضا من الصين.
إذ إن «نفوذ الشركات الصينية يزداد فى مجال تطوير العراق لحقوله الغازية»، كما يدل على ذلك الاتفاق الأخير مع الشركة الفرعية لشركة «بتروتشاينا». والحقيقة أن الشركات الصينية تعمل الآن فى عدد كبير من مشروعات العراق النفطية والغازية الاستراتيجية، وفى جميع القطاعات الإنتاجية والصناعية (الإنتاجية والمعالجة).
وبحسب «بتروستراتيجيز»، فإن للصين الآن «دورًا مهمًا مباشرًا وغير مباشر فى قطاعات بترولية عراقية واسعة حاليًا ومستقبليًا».
ومن المعروف أن ازدياد النفوذ الاقتصادى الصينى المباشر وغير المباشر الحالى والمستقبلى أخذ يقلق الحكومات الغربية منذ فترة. فالنفوذ الصينى الواسع يحد من إمكانية التنافس للشركات الغربية فى كثير من الأحيان، مثل «إرساء تطوير حقل غرب القرنة العملاق على شركة (بتروتشاينا) بعد انسحاب شركة (إكسون موبيل) من المشروع».
ويشير المسئولون عن الصناعة النفطية العراقية، إلى أن «بتروتشاينا»، «كانت شريكة لشركة (إكسون موبيل) قبل انسحاب الأخيرة من المشروع وعدم انسجام علاقاتها مع السلطات العراقية، كما أن الشركة الصينية كانت تقوم بالفعل فى معظم أعمال المشروع منذ بدايته».
وينوه المسئولون النفطيون العراقيون أيضًا بالاتفاقية فى يوليو الماضى، مع الشركة الفرنسية «توتال إنرجيز» لتقليص حرق الغاز المصاحب من النفط الخام، كمثال على تعدد وتنويع الشركات العالمية، تحديدًا فى مجال معالجة الغاز المصاحب. وتقدر الصادرات النفطية العراقية بنحو 99 فى المائة من قيمة مجمل الصادرات العراقية، ونحو 85 فى المائة من الموازنة السنوية العامة للبلاد.
يطرح هذا المقال أسئلة عدة: لماذا تنافست شركات النفط الغربية بحدة، من خلال نفوذ حكوماتها فى التحالف الدولى الذى غزا العراق فى عام 2003 من أجل الحصول على العقود والامتيازات النفطية فى الدولة ذات ثانى أكبر احتياطى نفطى فى «أوبك»؟ وأين هى هذه الشركات من العراق الآن؟ ولماذا لم تشارك الشركات الغربية بشكل واسع فى المناقصات؟ ولماذا انسحب عدد لا يستهان به من هذه الشركات بعد فوزها فى المناقصات؟ هل يجب التخوف من الاستثمارات النفطية الصينية؟ السؤال هو ليس التخوف من الاستثمارات الصينية، بل من هيمنة شركات بلد واحد على معظم الاستثمارات البترولية فى بلد منتج، تغيب عنه المراقبة والشفافيات اللازمة. أخيرًا، ما مسئولية البلد المنتج فى عدم التوازن الاستثمارى هذا؟ وتحديدًا، فى ظل استشراء الفساد، والعراقيل البيروقراطية فى تهيئة الجو المناسب للعمل فى مناخ استثمارى منافس للدول المجاورة.