عقب 8 أشهر من القتل والتنكيل بالمدنيين الفلسطينين فى قطاع غزة، احتلت إسرائيل المكانة اللائقة بها ضمن القائمة السوداء الدولية المعروفة بقائمة العار التى تضم الدول والمنظمات التى تلحق الأذى بالأطفال، ولِمَ لا وقد ارتكب جيشها مئات المذابح بحق الأطفال الفلسطينيين، الذين سقط منهم أكثر من 15 ألفًا و33 ألف جريح، وأصبح بينهم 17 ألف يتيم بلا معيل باتوا أيتامًا، بحسب رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطينى الدكتور صلاح عبدالعاطى.
وها هو الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش يؤكد الشجاعة التى عرفت عنه منذ بدء العدوان على غزة، يدرج جيش الاحتلال فى القائمة السوداء للدول والمنظمات التى «تلحق الأذى بالأطفال» فى مناطق النزاع، وأبلغ تل أبيب بقرار إضافتها إلى تلك القائمة ما أصاب المسئولين الإسرائيليين، بحالة من الهستيريا جعلتهم يلصقون بالرجل والمنظمة الدولية كل نقيصة. البداية كانت مع سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، الذى بادر تعليقًا على قرار جوتيريش، بقوله إن من دخل قائمة العار «هو الأمين العام» زاعمًا أن قراره جاء «بدافع الكراهية لإسرائيل».
أما رئيس وزرائه، بنيامين نتنياهو الذى يواجه مأزق استمرار الحرب مع نزيف الخسائر التى يواجهها عسكريًا واقتصاديًا وسياسيًا، فقد صب جام غضبه على الأمم المتحدة، زاعمًا أنها وضعت نفسها على قائمة العار للتاريخ، وغرد على منصة «إكس» مدافعًا عن جرائم جيشه الذى يواجه تهمًا بـ«الإبادة الجماعية» والتطهير العرقى، مدعيًا بكذب مفضوح أن الجيش الإسرائيلى هو الجيش الأكثر أخلاقية فى العالم.
هكذا وجد قاتل الأطفال والنساء، نفسه فى مصيدة جديدة، بعد اصدار قضاة محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة لإسرائيل، بوقف العدوان على رفح فى إطار القضية المرفوعة من جنوب إفريقيا التى تتهم تل أبيب بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطينى، وعقب مطالبة المدعى العام بالمحكمة الجنائية الدولية بإصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه ويوآف جالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وفى كل مرة تواجه إسرائيل مأزقًا دوليًا، وفشلًا سياسيًا، تسارع الولايات المتحدة لنجدتها، حيث يسعى الرئيس الأمريكى جو بايدن إلى تمرير مشروع قرار داخل مجلس الأمن يدعو إلى وقف لإطلاق النار يوافق المصالح الإسرائيلية، وهو ما أثار مخاوف روسيا والصين، صاحبتا حق النقض (الفيتو)، وهو المشروع ذاته الذى قال دبلوماسيون إن الجزائر الدولة العربية الوحيدة العضو فى المجلس ابدت عدم استعدادها لدعم نصه. تناسى بايدن أن بلاده وقفت ضد مشروعات القرارات التى طرحت فى مجلس الأمن لوقف الحرب فورًا، ولم يجد حرجًا فى طرح مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار ما دام يتوافق مع الرؤية الإسرائيلية ويخدم مصالحها! وعلى الرغم من المماحكات الإسرائيلية العلنى منها، وما يتم فى الحجرات المغلقة، لتحقيق أهداف عسكرية فشلت فى تحقيقها حتى اللحظة، تدرك الحكومة الإسرائيلية مدى تفاقم خسائرها يومًا وراء الأخر، فهى أمام دول تعترف بالدولة الفلسطينية، وأخرى تفضح جرائمها أمام المحاكم الدولية، وسط تضامن واسع فى الجامعات الأمريكية والأوروبية، وأخيرًا قائمة العار الدولية كقاتلة أطفال.
من هنا ليس غريبًا ما تحدثت عنه صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية من أن نتنياهو وجنرالات جيش الاحتلال «يريدون سرًا إنهاء الحرب» فى قطاع غزة، قبل أن تشير الصحيفة إلى أنه وبينما نتنياهو مدفوع بأسباب سياسية شخصية، فإن الجنرالات يدركون أن أى حملة واقعية للقضاء على سيطرة حركة (حماس) على غزة ستستغرق سنوات، دع عنك الصخب و«البروجاندا» الصهيونية لمجرد استعادة 4 محتجزين من مخيم النصيرات. وحتى تسقط أوهام تل أبيب فى القضاء على حماس كهدف أعلنته منذ اليوم الأول لعدوانها على غزة، ستظل قائمة العار الدولية تتزين باسم إسرائيل باعتبارها قاتلة للأطفال، كحقيقة واقعة وليس وهمًا، وهو ما أثار حفيظة نتنياهو وزمرته من وزراء اليمين المتطرف المتعطشين دومًا لسفك الدماء.