أربع سنوات نتنياهو وزيرا للخارجية: علاقات تاريخية مع دول الخليج ومع زعماء يمينيين متطرفين
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الجمعة 11 يناير 2019 - 11:35 م
بتوقيت القاهرة
يتباهى رئيس الحكومة بأنه جعل من إسرائيل قوة عالمية صاعدة. من الصعب التمييز بين عمله كرئيس للحكومة وعمله كوزير للخارجية، فى نهاية ولاية استمرت 4 سنوات، حقق نتنياهو عددا غير قليل من الإنجازات، لكن أيضا عددا غير قليل من الإخفاقات.
جزء من إنجازاته هو موضع خلاف، مثل توثيق العلاقات بزعماء من اليمين الشعبوى وفى طليعتهم رئيس هنغاريا، وزعيم الفيلبين، ورئيس البرازيل بولسونارو، نجح نتنياهو فى إقامة علاقات شخصية بالعديد من الزعماء المهمين والأقل أهمية، لكنهم، فى أغلبيتهم، موجودون فى الجانب الأقل ليبرالية من الخريطة، شعر نتنياهو بالقرب من زعماء اليمين الشعبوى الذين يتهمون بالعداء للسامية أحيانا، الأمر الذى يفسر تسامحه مع قانون المحرقة البولندى ــ قانون أقره البرلمان البولندى العام الماضى يحرم اتهام بولندا بجرائم ضد الإنسانية ارتكبتها ألمانيا النازية ــ، ورفضه إدانة الحملة التى شنتها الحكومة البولندية ضد الملياردير اليهودى جورجى سوروس.
ولاية نتنياهو فى وزارة الخارجية ــ إنجازات وإخفاقات
توثيق العلاقات من وراء الكواليس مع السعودية ودول الخليج بصورة عامة، وتجند نتنياهو للدفاع عن ولى العهد السعودى محمد بن سلمان على خلفية مقتل الصحافى جمال خاشقجى، والذروة الرسمية والعلنية كانت الزيارة التى قام بها نتنياهو إلى إمارة عمان.
إقامة علاقة شخصية بالرئيس ترامب بلغت ذروتها فى قرار ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. على الرغم من الإنجاز، عدد قليل من الدول انضم إلى الخطوة: فقط غواتيمالا والباراجواى. بالنسبة إلى الباراجواى، تبين أن الإنجاز هو فشل ذريع، إذ إنه بعد ثلاثة أشهر على نقل السفارة أعادت الباراجواى سفيرها إلى تل أبيب، وردا على ذلك أغلقت إسرائيل سفارتها فى الباراجواى.
الولايات المتحدة أيضا لم تنقل فعلا سفارتها إلى القدس بل فقط «اليافطة». وباستثناء السفير فريدمان، وسكرتيره ومساعده، لم ينتقل أى موظف إلى القدس. ومع ذلك بدأت السفارة بتجديد أقسام فى القنصلية الأمريكية تمهيدا لانتقال موظفين فى المستقبل من تل أبيب إلى العاصمة.
تعتبر علاقات إسرائيل بالولايات المتحدة فى عهد ترامب هى الأفضل على الإطلاق. تدعم الولايات المتحدة إسرائيل فى الأمم المتحدة، لكن إعلان ترامب الأخير انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، بالإضافة إلى قوله إن إيران تستطيع أن تفعل ما تشاء فى سوريا، اعتبر بمثابة صفعة لإسرائيل، بالتأكيد عندما تأتى من صديق مثل ترامب. الإنجاز الكبير لنتنياهو على هذا الصعيد هو قرار ترامب إلغاء الاتفاق النووى مع إيران وفرض عقوبات عليها من جديد. لكن على الرغم من الإنجاز فشلت إسرائيل فى إقناع الدول العظمى كى تحذو حذو الولايات المتحدة.
المحافظة على علاقة شخصية جيدة نسبيا بالرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وهو ما سمح بإقامة آلية تنسيق بين الجيشين حالت دون وقوع اشتباك بين الجيش الإسرائيلى والجيش الروسى فى سوريا، وقد نجت هذه العلاقة من الأزمة الأخيرة بشأن اعتراض طائرة تجسس روسية. روسيا لا تحب استمرار هجمات إسرائيل على سوريا وتحركها ضد تمركز إيران هناك. لكن يواصل الروس التحاور مع إسرائيل. وبعد سلسلة لقاءات بين نتنياهو وبوتين، يواصل الاثنان أحاديثهما الهاتفية، لكن يبدو حاليا أن نتنياهو بحاجة إلى بذل شىء من الجهد للحصول على لقاء ببوتين.
علاقات ممتازة بين نتنياهو والزعيم الهندى نارندرا مودى ــ تترافق مع توثيق العلاقات بين الدولتين ومجموعة صفقات أمنية. وصلت العلاقات إلى ذروتها عندما امتنعت الهند لأول مرة فى تاريخها من عمليات تصويت مهمة لإسرائيل فى الأمم المتحدة.
زيارة تاريخية لنتنياهو إلى البرازيل، وتوثيق العلاقات بالرئيس الجديد خافيير بولسونارو، ويأتى هذا بعد سنوات من العلاقات العدائية بين الدولتين بلغت ذروتها فى إلغاء تعيين سفير إسرائيل فى البرازيل دانى دايان بسبب كونه مستوطنا.
صعود وهبوط فى العلاقات مع الملك عبدالله ملك الأردن شمل طرد السفيرة الإسرائيلية وتجميد العلاقات فى أعقاب قضية الحارس الأمنى الإسرائيلى الذى أطلق النار على مواطن أردنى أعزل وقتله، والاضطرابات التى حدثت بعد تجميد مشروع قناة البحرين ــ قناة تربط بين البحر الأحمر والبحر الميت ــ، وتحريك المشروع أخيرا من جديد، وإعلان الأردن إنهاء تأجير نهاريم ــ موقع يقع فى وادى الأردن بالقرب من الحدود كانت إسرائيل تستأجره من الأردن ــ الأمر الذى فسر بأنه انتقام أردنى ومحاولة لخفض مستوى معاهدة السلام بين الدولتين.
حققت إسرائيل إنجازين جزئيين فى مجال الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل: إعلان روسى بالاعتراف بالقدس الغربية عاصمة إسرائيل واعتراف مشابه من أستراليا، الأمر الذى أدى إلى خيبة أمل معينة بإسرائيل التى انتظرت أن تنقل أستراليا سفارتها ــ الأمر الذى لم يحدث فى هذه الأثناء. أيضا إعلان الرئيس البرازيلى نقل سفارته إلى القدس لن يتحقق فى وقت قريب ــ على ما يبدو بسبب ضغط عربى.
فى الأول من يناير، دخلت استقالة إسرائيل من اليونيسكو فى حيز التنفيذ بعد استقالة الولايات المتحدة. خروج إسرائيل من اليونيسكو ــ على الرغم من التغييرات التى شهدتها المنظمة وحقيقة كون رئيستها حاليا دبلوماسية يهودية ــ لا يعتبر إنجازا للدبلوماسية الإسرائيلية.
حدوث تطور كبير فى الاتصالات بتشاد وزيارة الرئيس التشادى لإسرائيل. ومن المنتظر أيضا أن يزور نتنياهو قريبا تشاد على الرغم من أنها لم تستأنف علاقاتها الدبلوماسية بإسرائيل. أيضا جهود الرئيس التشادى لإقناع الرئيس السودانى بالسماح بعبور طائرات إسرائيلية فى أجواء السودان ــ لتقصير وقت الطيران بين إسرائيل وأمريكا اللاتينية ــ لم تنجح حتى الآن.
صعود وهبوط فى العلاقات بتركيا كان ذروتهما دفع إسرائيل 20 مليون دولار تعويضات لمقتل 9 مواطنين أتراك على متن سفينة مرمرة. دفع نتنياهو المال، لكن بدلا من الحصول على مصالحة حصل مرة أخرى على تحريض من جانب الرئيس التركى رجب طيب أردوغان. بعد إعادة السفراء ــ طردت تركيا مجددا السفير الإسرائيلى من أنقرة وأعادت سفيرها ــ هذه المرة بسبب الأحداث العنيفة على طول السياج مع غزة. واصل نتنياهو وأردوغان التشاجر كلاميا، ويمزح نتنياهو بأن تحسنا طرأ على العلاقات ــ أردوغان يقارنه بهتلر ثلاث مرات فى الأسبوع بدلا من ست مرات.
قام نتنياهو بثلاث زيارات تاريخية إلى إفريقيا ووثق العلاقات بزعماء نيجيريا، وكينيا، وتشاد وغيرهم. لكن رئيس الحكومة لم يفعل شيئا لتكثيف هذه العلاقات بالعملين الدبلوماسى والاقتصادى اللذين من المفترض أن يفيا بوعود اللقاءات الشخصية.
فى السنوات الأخيرة حققت إسرائيل اختراقا لآسيا. لكن على الرغم من الزيارات المهمة لزعيم الهند واليابان والصين البلد، وزيارة نتنياهو الهند واليابان والصين وأستراليا، وعلى الرغم من استثمارات خاصة يابانية وصينية (استثمار الشركات اليابانية فى إسرائيل ازداد 44 مرة) والعقود العسكرية مع الهند ــ لم تحدث موجة الاستثمارات المتبادلة التى توقعتها الحكومات.
فشلت إسرائيل فى لجم الاعتراف بدولة فلسطين. وآخر دولة اعترفت بفلسطين هى كولومبيا التى تعتبر صديقة لإسرائيل.
على الرغم من الاستثمارات فى إفريقيا، لم تقبل أى دولة استقبال المتسللين إلى إسرائيل، بالتأكيد ليس بأعداد كبيرة. ولم تحصل إسرائيل على وضع مراقب فى الاتحاد الإفريقى، وجرى إلغاء عقد قمة إسرائيلية ــ إفريقية فى توجو بدعوة نتنياهو. والخلاف بين إسرائيل وجنوب إفريقيا أعمق من أى وقت مضى.
خلال الولاية الحالية وصلت العلاقة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبى إلى أدنى مستوياتها، نجح نتنياهو فى التقرب من دول أوروبا الشرقية الأعضاء فى الاتحاد، وبذلك قوض الإجماع بين الدول الـ 28 فى الاتحاد ــ الأمر الذى منع قرارات إدانة لإسرائيل، بينها قرار إدانة القرار الأمريكى الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل.
نتنياهو ثبت الشرخ الآخذ فى الاتساع مع يهود الولايات المتحدة بعد إلغاء صيغة حائط المبكى وقانون التهويد.
فى الخلاصة، باستثناء زيارات نتنياهو السياسية المثيرة للإعجاب، فإن البنية التحتية ــ أى الآلية الدبلوماسية والدعائية والاقتصادية ــ أهملت وتفككت.
إيتمار أيخنر
يديعوت أحرونوت