رسالة انتخابات الصحفيين
طلعت إسماعيل
آخر تحديث:
الثلاثاء 12 مارس 2019 - 12:10 م
بتوقيت القاهرة
وسط تحديات غير مسبوقة، يتوجه الصحفيون، يوم الجمعة المقبل، إلى مقر نقابتهم العريقة فى شارع عبدالخالق ثروت، آملين فى اكتمال جمعيتهم العمومية المطلوب أن يحضرها الربع زائد واحد من حجم عضوية يربو على 10 آلاف عضو، والهدف هو انتخاب نقيب جديد و6 أعضاء يشكلون نصف عدد أعضاء المجلس الذى سيدير النقابة فى العامين المقبلين.
ربما تكون الانتخابات هذه المرة الأقل حظا فى الحماس وسط الزملاء، مرشحين وناخبين، على مدى مشاركتى ومتابعتى خلال الثلاثين عاما الماضية، وقد يكون الفتور قد تسلل لبعض النفوس، غير أنها تظل انتخابات ذات أهمية على كل حال، ولا يجب التعامل معها على أنها تحصيل حاصل، فى ضوء المسار الذى يريد البعض لها أن تسلكه، وبما يؤدى إلى نتائج يراهن البعض أيضا على تحقيقها.
وباستثناء ورقة زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا الذى تحول إلى مصدر الدخل شبه الوحيد لبعض الزملاء، تبدو القضايا الأخرى على أهميتها غير ذات بال لدى بعض المرشحين، وربما لدى قسط كبير من الناخبين، وهو أمر طبيعى فى ظل عدم تلقى العديد من الزملاء رواتبهم لعدة أشهر متتالية، أو تأخر تقاضيها لما يتخطى اليوم الخامس عشر من كل شهر فى بعض المؤسسات.
مشكلة تأخر الرواتب، للأسف الشديد، لم تلقَ فى برامج السادة المرشحين، وعددهم يتجاوز الستين مرشحا، الاهتمام الكافى، وربما تهرب أو تجاهل البعض طرحها، عملا بدفن الرءوس فى الرمال، واكتفت الغالبية العظمى من المرشحين بحديث هلامى عن السعى إلى تحسين دخل الصحفى، ولم يكلفوا أنفسهم لدى زيارات المجاملة للصحف سؤال زملائهم: كيف تعيشون؟!
أوراق ملونة تحمل صورا جميلة للزملاء المرشحين، وبرامج طموحة، وأخرى غارقة فى الخيال، لكنى لم أجد بين سطور أى منها ما يشير من قريب أو بعيد إلى "تواطؤ» بعض رؤساء التحرير، على عدم دفع الرواتب، للزملاء فى الصحف الخاصة التى يشكل العاملون فيها نصف أعضاء الجمعية العمومية للنقابة، ولم تطالع عينى، ولم أسمع بأذنى من يتحدث عن حل عملى مقنع لمشكلة تهدد بيوت الصحفيين بالخراب، وأسرهم بالتشريد.
لا نريد برامج تحمل بنودا كثيرة فارغة المضمون، ولا كلمات معسولة لا تسمن ولا تغنى من جوع، يكفى أن يكون لدينا بند واحد يعمل مجلس النقابة على تنفيذه، وهو الخروج من مأزق تدنى، إن لم يكن انعدام دخل غالبية الزملاء، والوصول إلى حلول عملية مع أصحاب الصحف الخاصة لضمان الحصول على الرواتب فى أول كل شهر، وألا تطال عصا التسريح مئات الزملاء، الذين سيتحولون إلى قنبلة موقوتة قد تنفجر فى وجه الجميع.
نريد مجلسا مقاتلا، على رأسه نقيب يجيد التعامل مع مؤسسات الدولة من جهة، وأن يجد طريقا للحوار مع اصحاب الصحف لحل مشكلة الرواتب المتدنية والمتأخرة من الجهة الأخرى، وهذه مهمة كبيرة تقع على عاتق الزملاء الناخبين عند الاختيار، ووضع أصواتهم فى صناديق الاقتراع، وأن تنتصر روح الجماعة لا الشلة أو القبيلة الصحفية التى تنظر للأمور بعين الانحياز على حساب مصلحة الجموع.
نريد مجلسا متنوع الرؤى والاجتهادات، لكنه ضمن نسيج واحد متناغم، يكون قراره نابعا من داخل النقابة، لا خارجها، وتعبيرا عن إرادة الجمعية العمومية، ومحققا لمصالحها، وليس لأهواء البعض وطموحاتهم الشخصية. لا نريد مجلسا يتحول إلى ساحة لنقار الديكة، فيما مصالح الزملاء معطلة. نريد أعضاء يجلسون فى نقابتهم ولا يتسولهم الزملاء فى مؤسساتهم لإنهاء أوراق معاملاتهم الحياتية من علاج، أو قروض، أو خدمات اجتماعية أخرى.
كلى ثقة وأنا أتوجه إلى النقابة، الجمعة المقبلة، للمشاركة فى «العرس» الذى يتكرر كل عامين، فى وعى الزملاء، وقدرتهم على فرز «الصالح من الطالح»، وألا يقعوا فى شراك القوائم الحقيقية وتلك التى تستهدف التضليل، وأن يكون التصويت بمثابة رسالة واضحة للجميع، مفادها أن النقابة ليست ساحة للمجاملات، أو«التوظيف».