وزارة المرحلة

عماد الغزالي
عماد الغزالي

آخر تحديث: الإثنين 11 مايو 2015 - 9:25 ص بتوقيت القاهرة

أحدثك عن وزارة التجارة والصناعة، ووزيرها الصديق الكبير منير فخرى عبد النور هو بحكم التعريف «وزير التجارة والصناعة والمشروعات الصغيرة».

لماذا أعتبر هذه الوزارة بالذات هى الأهم فى هذه المرحلة؟

لأنها دون غيرها يمكنها أن تشعرنا وبسرعة بأن ثمة تغييرا يجرى على الأرض، لأن زيادة الرقعة الزراعية، وتحسين البيئة التعليمية، ونشر المستشفيات والمراكز الصحية فى أقاليم مصر جميعها، وهى أمور مهمة قطعا، لن تؤتى ثمارها سريعا، ستحتاج إلى سنوات كى يلمس الناس آثارها إن بدأنا فيها بجدية من الآن، وهو أمر مختلف فى حالة الصناعة والمشروعات الصغيرة، التى يمكنها أن تضيف بسرعة إلى الناتج القومى من ناحية، وأن تستوعب مئات الألوف من العاطلين فتنعش سوق العمل وتخفّف مساحات الغضب بين الشباب من ناحية ثانية.

وإذا صح ما سمعه رئيس الحكومة فى لقائه بممثلى اتحاد الصناعات عن وجود 800 مصنع مغلق منذ 25 يناير 2011، فيمكنك أن تتخيل الطفرة الناتجة عن إعادة تشغيل هذه المصانع سواء من ناحية الإنتاجية أوالتشغيل.

أما المشروعات الصغيرة فهى عنوان المرحلة، وسبق أن أشدت فى هذا المكان بالخطوة التى اتخذها رئيس الحكومة حين توجّه فى اليوم التالى مباشرة لختام المؤتمر الاقتصادى إلى قنا، حيث أطلق من هناك مبادرة «مشروعك»، التى تستهدف تمويل مشروعات للشباب والمرأة المعيلة فى 78 قرية كمرحلة أولى، بهدف تنميتها وتحويلها إلى قرى نموذجية، وبحسب تصريحات محلب وقتها، فإن المشروع يعمل على توسيع دائرة الإقراض من 10 آلاف وحتى مليون جنيه لإقامة مشروعات صغيرة ومتوسطة، تحارب الفقر وتوفر أكثر من ربع مليون فرصة عمل سنويا، وسيتم تعميمها على قرى ومدن مصر ما إن يتم الانتهاء من المرحلة الأولى.

وطالبت وقتها، وأكرر من جديد، أننا ينبغى أن نتحرك فى دعم المشروعات الصغيرة بطريقة مغايرة، فلا يكفى ان نمنح كل شاب قرضا عشرين أو خمسين ألف جنيه ليفعل بها ما يحلو له ونظن أننا بذلك أدّينا ما علينا، ثم ندخل فى الدائرة إياها، مشروعات فاشلة ومنتجات لا أحد يشتريها وقروض لا يستطيع الشباب تسديدها، وتبدأ لعبة القط والفأر بين البنوك والمقترضين، كما جرى الحال طوال سنوات بين الصندوق الاجتماعى للتنمية وشباب الخريجين.

كما أننا لا نريد أن نحوّل خريجى الجامعات إلى باعة جائلين، فعندنا منهم ما يكفى.

نريد مشروعات حقيقية تقدم منتجات نوعية مميزة تحتاجها السوق المحلية والعالمية، وهو أمر قد لا يحققه شاب بمفرده أو حتى خمسة مجتمعين، الأمر يحتاج رؤية أوسع، تسمح بالاستفادة من قدرات الشباب وتوفر لهم مصادر كريمة للدخل من ناحية، وتزيد من الناتج القومى ودخل البلاد من العملة الصعبة من ناحية ثانية.

نريد أن يكون مئات الشباب ملّاكا أو مساهمين فى مصانع لتدوير القمامة مثلا، نريد ورشا مجمّعة لإنتاج الجلود أو الملابس أو الأحذية أوالموبيليا أو لعب الأطفال أو قطع غيار السيارات أو تصنيع المنتجات الزراعية بأسعار منافسة داخل مصر وخارجها.

لا يعنى هذا أن تكون الحكومة شريكا فى الإدارة، ولا أن يكون للمحليات سطوة من أى نوع على أحلام الشباب، ما أريده هو أن تكون مخططا ومرشدا ومنسقا بين الجهود، وأن تتدخل فقط لتذليل الصعاب عند اللزوم، كما يمكنها أن توفّر دراسات جدوى تضع خصائص كل أقليم وما يتميز به أمام المستثمرين الصغار، كى يختاروا بأنفسهم خطوتهم التالية.

لهذا قلت لك إن وزارة التجارة والصناعة والمشروعات الصغيرة هى الأخطر والأهم، هى وزارة المرحلة، ونتمنى أن تكون على قدر التحدى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved