المغرب والدروس المُستمَدّة من مصر
العالم يفكر
آخر تحديث:
الأربعاء 11 سبتمبر 2013 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
كتب محمد مصباح الباحث الزائر فى المعهد الألمانى للشئون الدولية والأمنية فى برلين تحليلا حول تداعيات الحدث المصرى على المشهد السياسى المغربى. نشر التحليل على الموقع الألكترونى لمركز كارنيجى للشرق الاوسط.
يقول الباحث إنه بعد أحداث 3 يوليو فى مصر، يواجه حزب العدالة والتنمية الذى يُعَدّ الحزب الإسلامى الأبرز فى المغرب، خطر خسارة بعض المكتسبات التى جرى تحقيقها بفعل تعديل الدستور فى يوليو 2011، ناهيك عن المخاوف من التهميش فى مشهد سياسى مناهض أصلاً للحزب. فقد سبق وأن وجّه الملك محمد السادس انتقادات مباشرة إلى الحكومة بقيادة حزب العدالة والتنمية، فى ما يُنذر بمواجهة بدأت معالمها تلوح فى الأفق بين القصر وحزب العدالة والتنمية.
ويذكر الباحث ايضا أن قيادات حزب العدالة والتنمية فى المغرب وضعت يدها على قلبها عشية عزل الرئيس محمد مرسى، خوفاً من أن يشكّل الحدث المصرى دعماً لجهود إفشال التجربة السياسية للحزب، ولاسيما أن الحزب وزعيمه عبدالإله بنكيران يواجهان حاليا ضغوطاً سياسية كبيرة. وقد انعكس الحدث المصرى على المشهد السياسى المغربى، فإذا بالملك محمد السادس يسارع إلى تهنئة الرئيس المصرى المؤقّت عدلى منصور مباشرةً بعد تعيينه متبنيا نفس موقف نادى الملكيات العربية ــ ماعدا قطر ــ التى سُرَّت بالتخلّص من الإخوان.
●●●
كما يرصد الباحث التحرك السياسى والشعبى فى المغرب ضد الحكومة التى يقودها حزب العدالة والتنمية، إذ إن تطور الأحداث فى مصر دفع بحزب الاستقلال، المعروف تاريخياً بدعمه للقصر، إلى التعجيل بسحب وزرائه من حكومة بنكيران. إضافةً إلى ذلك، ظهرت بوادر تحرّك «شعبي» ضد الحكومة، بعد «عجزها» عن تحقيق إصلاحات اقتصادية واجتماعية ملموسة.
زيادةً على ذلك، فإن نجاح حركة «تمرّد» المصرية أغرى البعض بالسعى إلى إيجاد نسخة مغربية مقابلة لها. وقد وضعت حركة «تمرّد» المغربية على رأس أهدافها إسقاط حكومة بنكيران بحلول 17 أغسطس، ودعت إلى النزول إلى الشارع من أجل تحقيق هذا الهدف. وقد انضمّ أفرقاء فى المعارضة إلى حركة «تمرّد» بهدف إضعاف حزب العدالة والتنمية، لكن الحركة ألغت نشاطاتها بعد أحداث 17 أغسطس فى مصر.
●●●
ومن وجهة نظر الباحث، فهناك اختلاف واضح بين شكلَى النظام ودور الجيش وبين السياق السياسى والديناميكية الإقليمية فى كلا البلدين، يحول دون إسقاط أحداث 3 يوليو فى مصر على المغرب. فطبيعة النظام الانتخابى فى المغرب المتميّزة بانقسام الساحة السياسية البرلمانية، تُحتِّم تشكيل حكومات ائتلافية. كما أن المؤسسة العسكرية فى المغرب ظلّت خارج اللعبة السياسية منذ العام 1970، ولاسيما بعد المحاولتين اللتين قامت بهما للانقلاب على الملك حسن الثانى. فضلاً عن ذلك، استطاعت المؤسسة الملَكية تدبير مرحلة الاحتجاجات السياسية بعد 20 فبراير 2011 بكفاءةٍ مكَّنَتها من توفير رصيد إضافى لمشروعيّتها وسمعتها.
●●●
ويضيف الباحث إلى أن ما يخشاه حزب العدالة والتنمية هو أن تتيح الأحداث فى مصر للأفرقاء الموالين للنظام الملَكى فى المغرب تهميشه وتعطيل دوره. إذ ان قيادة حزب العدالة والتنمية وجدت نفسها عالقةً بين الموقف الواضح للقصر الملكى الداعم للانقلاب والذى تفادى الدخول فى اشتباك معه، وبين مواقف قواعدها الرافضة للانقلاب ولهذا كانت استجابة الحزب تهدف إلى تخفيف الضغط عليه وإرضاء جميع الأطراف، سواءً القصر أو قواعد الحزب، من خلال العمل على الفصل بين المواقف الحكومية من جهة، ومواقف الحزب من جهة أخرى.
●●●
ويختم الباحث تحليله قائلا إن موقف العدالة والتنمية يعكس حجم التخوّف من إمكانية إسقاط الحالة المصرية على المغرب. فالإشارات المتناقضة التى تأتى من القصر تجعل الحزب غير مطمئنّ لما يُحاك ضده، فى الوقت الذى تحذر فيه قياداته من أن المغرب سيغرق فى الفوضى وعدم الاستقرار فى حال عودة السلطوية القاسية.