تحالف المضطرين ضد داعش
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
السبت 11 أكتوبر 2014 - 12:05 م
بتوقيت القاهرة
التحالف الإقليمى والدولى ضد داعش لايزال هشا جدا، والسبب أن أهداف أطرافه متعارضة ومتناقضة، ولذلك ومن دون اتفاق على أهداف سياسية محددة لن يكتب النجاح لهذا التحالف.
الوضع شديد التعقيد، ومن قبيل التبسيط المخل القول بأن داعش صناعة أمريكية أو أن تركيا تدعمها وفقط.
المؤكد أن الغزو الأمريكى الهمجى للعراق عام 2003 ساهم فى تقوية تنظيم القاعدة، خصوصا بعد حل الجيش على يد بول بريمر، والمؤكد أكثر أن دعم واشنطن لنورى المالكى وسياساته الطائفية وتهميش طائفة السنة، أدى إلى بروز داعش وأمثالها فى العراق.
لكن السؤال هنا: وما هو دور أمريكا أو تركيا فى توحش داعش فى سوريا؟.
المأساة السورية سببها الرئيسى سياسة نظام بشار الأسد التى فشلت فى احتواء غالبية قوى المجتمع وهمشت الجميع وانتهى الأمر إلى حصر الحكم داخل عائلة الأسد فقط. لو أن بشار الأسد تصرف فى فبراير 2011 مثلما تصرف ملك المغرب محمد السادس، عقب اندلاع ثورات الربيع العربى، ما وصلنا إلى هذه المأساة الإنسانية المروعة.
أمريكا وإسرائيل لهما جرائم كثيرة فى منطقتنا، لكنهما ليسا سببا مباشرا لما يحدث فى سوريا واليمن.
نعود إلى التحالف الدولى لنجد أن غالبية أطرافه يريدون القضاء على داعش، لكنهم غير متفقين بالمرة على الخطوة التالية. هذا الأمر يشبه تماما ما حدث فى ليبيا حينما اتفق العرب والغرب على ضرورة إسقاط معمر القذافى ونظام حكمه العبثى من ليبيا، وكان قرار الإزاحة صائبا تماما بغض النظر عن نوايا أطراف التحالف. المشكلة أن هؤلاء المتحالفين فشلوا تماما فى تمهيد الطريق لإقامة حد أدنى من المؤسسات لقيادة ليبيا فى المرحلة الانتقالية.
الآن يتكرر الأمر فى سوريا.. أمريكا تقول إنها تريد القضاء على داعش، وتركيا تعلن الأمر نفسه لكنها تصر على إزاحة الأسد وتشاركها الرغبة قطر، ومعهما التنظيم الدولى للإخوان المسلمين شرط أن يكون البديل هو جماعة الإخوان.
بلدان الخليج وعلى رأسها السعودية لهم نفس الهدف ويشاركون فى عمليات القصف الجوى، لكنهم لا يريدون أن يكون بديل الأسد هم الإخوان.
مصر تشاركهم نفس الرؤية وتود أن ترى حكومة ممثلة لجميع الأطياف بما فيها ربما جزء من نظام الأسد لضمان استمرار تماسك الجيش والحفاظ على وحدة أراضى سوريا.
على العكس فإن إيران وخلفها العراق تريد دحر داعش وأن يستمر نظام الأسد، وتخشى تزايد الدور التركى أو السعودى أو الأمريكى، ولذلك فإن أى إبعاد للأسد هو خسارة استراتيجية لإيران، التى ربما سارعت لمفاجأة الجميع ونقلت لعبة الشطرنج المعقدة إلى اليمن.
الأكراد يريدون القضاء على داعش ويحلمون بدولتهم المستقلة فى كردستان الكبرى التى تشمل أجزاء من إيران وتركيا والعراق وسوريا، وهم يخشون دائما غدر الزمان الذى يلوح لهم دائما بالحل الوردى ثم يفيقون على كابوس سوداوى!!.
المحزن فى الأمر أن العرب هم الطرف الأضعف فى المعادلة وهم المفعول به.
جيراننا يحلمون بأن يرثوا دورنا ونتحول نحن إلى رعايا، يحدث ذلك بصيغ مختلفة، إيران تريد أن تكون زعيمة المنطقة تحت شعارات مقاومة الاستعمار والاستكبار، وتركيا تريدها خلافة عثمانية بصيغة عصرية، وأمريكا لا يهمها إلا مصالحها ومصالح إسرائيل.
نعيش للأسف فترة من أسوأ فترات تاريخنا الحديث، صرنا مكشوفين تماما أمام الخارج. وأوضاعنا الداخلية مهترئة، واقتصاداتنا متداعية. أما العدو الرئيسى إسرائيل فيعيش فى أزهى عصوره لأن كل أعدائه تفرغوا للقضاء على بعضهم البعض وهو جالس يتفرج غير مصدق غباء هؤلاء الأعداء.