نادية
محمود قاسم
آخر تحديث:
الجمعة 12 مايو 2023 - 8:45 م
بتوقيت القاهرة
هناك فيلمان يحملان اسم «نادية» الثانى أخرجه أحمد بدر خان عن رواية ليوسف السباعى عام 1969 أما الفيلم الأول فتم إنتاجه قبل ذلك التاريخ بعشرين عاما إخراج فطين عبدالله وتأليف يوسف جوهر وبطولة عزيزة أمير ومحمود ذو الفقار اللذين اشتركا قبل أشهر فى إنتاج فيلم آخر بعنوان «فتاة من فلسطين»، أما فيلم نادية فقد شاركت فيه شادية أمام سليمان نجيب وصلاح نظمى وشكرى سرحان، الفيلمان يتحدثان عن شقيقتين تتنافستان فى الحب، وكان يوسف السباعى قد اتخذ من روايته موضوع العدوان الثلاثى على مصر وجعله سببا لانتقال أسرة نادية للعيش فى فرنسا وهو يدور حول مشاعر الحب التى تكنها نادية للجراح الذى أجرى لها عملية تجميل وأحبته دون أن يدرى، فلما عرف بأمر مشاعرها ذهب للبحث عنها فى ربوع فرنسا، أما الفيلم الأول فهو من أوائل أعمال فطين عبدالوهاب.. تبدو قضية فلسطين هى الهاجس الأول فى الموضوع، أو فلنقل يتم اتخاذها كديكور للأحداث السياسية المأسوية التى عاشتها الشعوب العربية فى تلك الفترة بما عرفناه باسم نكبة فلسطين التى يمر عليها الآن ثلاثة أرباع قرن كاملا، من المهم أن نحيى فى هذه المناسبة ذلك الشعور الوطنى الجارف الذى عبر عنه الزوجان عزيزة أمير ومحمود ذو الفقار فى فيلمين متتاليين رغم أن فيلم فتاة من فلسطين كان يدور فى ساحة القتال، حسب الأحداث ومن الديكور فإن فيلم نادية فى أغلبه رواية رومانسية يدور أغلبها فى المدينة حول الأخت الكبرى التى تحب ضابطا شابا يدعى مدحت يعمل فى الطيران وهى التى صدمت من قبل فى قصة حب مع محارب فدائى، ونادية هذه قد تجاوز بها الزمن وتعمل مديرة لأحدى المدارس وهى تتراجع عن مشاعرها بسبب أنها تعرف أن أختها الصغرى ثريا تتبادل مشاعر الحب مع مدحت وأنهما ينويان الزواج، نادية هذه تترك قضاياها الخاصة وتذهب إلى ساحة القتال فى فلسطين لتعمل فى التمريض وتقع فى مأزق ما يدفع مدحت إلى الهبوط فى المعركة لإنقاذ حبيبته وفى النهاية تكتشف نادية أن حبيبها يطلب منها الزواج وأن أختها لم تكن تقصد أنها مغرمة بمدحت بل بشاب آخر يشارك أيضا فى الحرب.
هذا فيلم عن قضية فلسطين لكن أغلب أبطاله من المصريين سكان القاهرة وأغلب تفاصيله لذلك حدث اللغط العاطفى الذى تعانيه نادية، وفى أغلب المشاهد امرأة منكسرة مؤمنة بقضية التى وهبت نفسها لها، وفى بعض الأحيان تنتقل الكاميرا من خلال ديكور اصطناعى كأننا فى ساحة الحرب، بالطبع هناك مشاعر وطنية عن فلسطين وتبدو مصر هى حاملة المسئولية فلا ذكر العرب أو حتى الفلسطينيين أنفسهم، ومراعاة بمشاعر اليهود المقيمين فى مصر فى تلك الأونة فإننا نسمع جملا تعبر عن ندم اليهود الذين آمنوا بقيام إسرائيل ويردد فى أسى أن فكرة الدولة كانت خرابا كبيرا على اليهود أنفسهم، وهكذا فإننا أمام فيلم عن قضية سياسية وعسكرية ووطنية مطلية من الخارج فقط بهذه الأمور لكن كافة التفاصيل تؤكد أننا أمام فيلم غنائى عاطفى لكنه يعكس حالة الحزن الوطنى بما أصاب فلسطين وأبناءها، ورغم كل هذا فإننا نبعث التحية لكل من صنع هذا الفيلم لأن السينما المصرية تجاهلت حقيقة ما حدث فى الحرب ورأيناه دوما بمثابة قصور حيث عبرت بعض الأفلام عن أن الجيش النظامى لم يذهب إلى الحرب ولكنها قامت على جهود المتطوعين مثلما حدث فى فيلم «الإيمان» إخراج بدرخان وأيضا فى أفلام أخرى منها فيلم «أرض الأبطال» إخراج نيازى مصطفى يذاع هذه الفيلم الأن على بعض القنوات وللأسف فإن مشاهدته تثير الضيق لأن قضية فلسطين لم تكن مجرد ديكور لحكايات عاطفية ساذجة حول تضحية أخت من أجل شقيقتها، فقد قامت السينما الأمريكية على مدى السبعين عاما بأنتاج أفلام ضخمة التكاليف تمجد رجال حرب فلسطين اليهود ومنهم فيلم «ذل العملاق» إخراج مايكل شافيلستون 1969 بطولة أكبر نجوم فى السينما الأمريكية مثل فرانك سيناترا وكيرك دوجلاس ويول برينر وغيرهم والأن لقد صارت الحرب تاريخا وأن الذاكرة الفنية فلا تجد ما يستحق أن نتحدث عنه رغم كل هذه السنوات الطويلة.