سياسة ترامب «الشخصية» تجاه كوريا الشمالية
مواقع عالمية
آخر تحديث:
السبت 12 سبتمبر 2020 - 7:55 م
بتوقيت القاهرة
نشر موقع Eurasia Review مقالا للكاتبة Angana Guha Roy... جاء فيه ما يلى:
أعلن الرئيس دونالد ترامب على تويتر أنه «لم يعد هناك تهديد من كوريا الشمالية»، ولكن يبدو أن احتمالية تحقيق الاستقرار ونزع السلاح النووى فى شبه الجزيرة الكورية بعيدة المنال فى الفترة الحالية. فقد أثار تقدم كوريا الشمالية المستمر فى برامجها النووية والصاروخية مخاوف واسعة النطاق فى المنطقة. علاوة على ذلك، كان تدمير مكتب الاتصال بين الكوريتين فى 16 يونيو بمثابة تحذير لكوريا الجنوبية عكس سخط كيم جونج أون من إدارة ترامب. وبخصوص المبادرة الدبلوماسية الاستثنائية والتى هدفت إلى حل الأزمة فى شبه الجزيرة الكورية لم تدم طويلا وفشلت فى تحقيق أرضية مشتركة. والآن هل هناك طريقة للمضى قدما فى الحوار مع كوريا الشمالية؟
نهج ترامب
قبل أن يتولى دونالد ترامب الرئاسة، اتبعت الولايات المتحدة لسنوات مجموعة من السياسات لمواجهة التحديات التى تفرضها كوريا الشمالية، بما فى ذلك تعزيز التعاون العسكرى مع حلفائها فى المنطقة. كما انخرطت الولايات المتحدة فى مبادرات دبلوماسية رئيسية (الالتزام بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية والمحادثات السداسية) لجعل كوريا الشمالية تتخلى عن برنامجها النووى مقابل المساعدة. إلا أن أيا منها لم يكن مثمرا. وحاول الرئيس ترامب التحرر من المقاربات الدبلوماسية للإدارات السابقة واتباع أسلوبه الخاص (الشخصى) مع الرئيس الكورى الشمالى، لغرس الثقة المتبادلة فى الحوار. ومع ذلك، ظل الرئيس ترامب متمسكا بالسياسة القديمة والتى لا تسمح لكوريا الشمالية بالقيام بعملية تدريجية لنزع السلاح النووى. وإنما نزع السلاح النووى بشكل كامل كخطوة أولى، ثم إجراء محادثات حول السلام والمصالحة وتخفيف العقوبات والاستقرار. لكن يبدو أن «الدبلوماسية الشخصية» لترامب لم تكن مقنعة لكوريا الشمالية بما يكفى.
ثغرات فى استراتيجية المساومة للرئيس ترامب
فى الواقع، كانت الولايات المتحدة تتبع سياسات متناقضة، مما خلق سوء تفاهم بين أطراف المفاوضات. ففى عام 2017، وفى أعقاب التوترات المتصاعدة فى شبه الجزيرة الكورية، تناقضت تصريحات ترامب مع تصريحات كبار مسئوليه فى عدة مناسبات. كما تم إقامة التدريبات العسكرية السنوية المشتركة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة دونج مينج فى أغسطس 2019 دون أى توضيح من جانب الرئيس ترامب لسبب القيام بهذه المناورات مجددا بعد لقائه بكيم.
ثانيا، رفض الرئيس ترامب الاعتراف بأهمية التجارب الصاروخية لكوريا الشمالية مما شجع كوريا الشمالية على مواصلة إجراء التجارب.
ثالثا، تقليل إدارة ترامب من فظائع انتهاكات حقوق الإنسان فى كوريا الشمالية من خلال تعطيل اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فى عام 2019 مما يشير إلى أن الولايات المتحدة لا تعطى الأولوية لقضايا حقوق الإنسان.
رابعا، على الرغم من تدهور العلاقات بين الكوريتين، فإن الولايات المتحدة بحاجة إلى الاعتراف بدور كوريا الجنوبية وأهميتها كشريك فى تخفيف الأزمة فى شبه الجزيرة الكورية. وفى حالة إعادة انتخاب الرئيس ترامب لولاية ثانية، قد يفكر فى انسحاب جزئى للقوات الأمريكية من شبه الجزيرة، ليس فقط بسبب التكاليف العسكرية ولكن لتوفير حافز سياسى لكيم للوصول إلى أرضية تفاوض مشتركة. ودفع أسلوب ترامب، فى تعامله مع الكوريتين، الخبراء إلى التشكيك فى فهمه للقضايا الجيوسياسية والأمنية فى المنطقة.
تحويل الهدنة إلى اتفاقية سلام
لم تؤت الدبلوماسية الشخصية للرئيس ترامب ثمارها. فالولايات المتحدة ترفض طلب كوريا الشمالية بشأن نزع السلاح النووى بشكل تدريجى. ولدفع الحوار قدما مع كوريا الشمالية. ربما يكمن الحل فى إنهاء الهدنة التى استمرت 70 عاما واستبدالها بمعاهدة سلام.
كانت الهدنة الكورية قد أنهت الأعمال العدائية للحرب الكورية. ومع ذلك، لا تزال الولايات المتحدة وكوريا الشمالية من الناحية العملية فى حالة حرب. وعلى الرغم من أن الرئيس ترامب تحدث عن الحد من وجود القوات الأمريكية فى شبه الجزيرة الكورية، إلا أنه لم يعترف رسميا بالحاجة إلى «إعلان نهاية الحرب الكورية». وقد يكون إعلان نهاية الحرب من قبل الولايات المتحدة إجراء دبلوماسيا رمزيا يزيد من ثقة كوريا الشمالية فى الولايات المتحدة واتفاقية نزع السلاح النووى.
لكن يجب أن يُنظر إلى حذر الولايات المتحدة من «إعلان نهاية الحرب الكورية» من سياق أوسع. فقد يعنى ذلك إضعاف التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وبالتالى إضعاف الاتفاقية الثلاثية بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان (وهى حليف للولايات المتحدة ولاعب إقليمى مهم، تريد نزع السلاح النووى الكامل لكوريا الشمالية). ومع بروز الصين باعتبارها المنافس الرئيسى للولايات المتحدة فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ، فإن أهمية الاتفاقية الثلاثية ستزداد فى المستقبل.
وأخيرا وعلى الرغم من أن كوريا الشمالية شنت حربا كلامية حادة رافضة أى احتمال لعقد قمة رابعة بين ترامب وكيم، إلا أنها لم تقطع علاقاتها بالكامل مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية. كان ذلك واضحا على الأقل فى مناسبتين أخيرتين. أولا، أعربت شقيقة كيم جونج أون، كيم جو يونج، عن استعدادها لمشاركة آرائها فى البث التلفزيونى للاحتفال بيوم الاستقلال الأمريكى مما يدل على اهتمامها بالولايات المتحدة. ثانيا، بعد أيام قليلة من تنحى وزير الوحدة الكورى الجنوبى كيم يون تشول بسبب تدهور العلاقات، علقت كوريا الشمالية برنامج العمل العسكرى ضد كوريا الجنوبية، مما يشير إلى رغبتها فى عدم المبالغة فى الأمور.
وبالنسبة لوسائل الإعلام الأمريكية، فقد وصفت سياسة ترامب تجاه كوريا الشمالية بالفشل، على الرغم من أن ترامب انتهج مع كوريا الشمالية أسلوبا جديدا لم يتبعه أى من أسلافه (بوش وأوباما). وكشف استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث أن 33 دولة على الأقل وافقت على سياسة ترامب تجاه كوريا الشمالية، مما يشير إلى أن أسلوبه الدبلوماسى المبتكر، إن لم يكن ناجحا، لكن لم يُنظر إليه أبدا على أنه ضار.
باختصار يبدو أن السيناريو الحالى مفاداه أن كوريا الشمالية لن تقبل بأى حوار على أساس المقترحات السابقة( نزع السلاح النووى الكامل مقابل رفع العقوبات والتطبيع الكامل). ولابد من انتهاج أسلوب جديد ودبلوماسية شخصية لتحقيق السلام.
إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى: هنا