مرشحات بالبلوتوث
صحافة عربية
آخر تحديث:
الإثنين 12 أكتوبر 2015 - 10:13 ص
بتوقيت القاهرة
عكاظ ــ السعودية
خلف الحربى
نحن قوم نحب أن نقول كلاما كبيرا أمام وسائل الإعلام، بشرط أن لا نفعله على أرض الواقع، مثلا نحب أن يظهر للعالم الخارجى أننا نؤمن بحقوق المرأة ودورها الأساسى فى نهضة المجتمع، بشرط أن لا يحدث ذلك بالفعل، ولعل الشروط الأخيرة التى فرضت على مرشحات المجلس البلدى، خير دليل على هذا السلوك الغرائبى، فبعد الزخم الإعلامى لمشاركة المرأة فى الترشيح للمجلس البلدى وهو زخم يفوق بكثير حجم المجالس البلدية برجالها ونسائها «الافتراضيات»، تم الإعلان قبل يومين عن الشروط التى تقيد حركة المرشحات، كى لا يقعن فى فخ الاختلاط مع الرجال والعياذ بالله!.
أهم هذه الشروط فرض غرامة قدرها 10 آلاف ريال على كل مرشحة من المرشحات اللواتى يقارب عددهن على 366 سيدة فى حال تحدثها فى مقرها الانتخابى بشكل مباشر مع الناخبين الرجال!، أما عن كيفية إقناع المرشحة للناخبين الرجال من أبناء دائرتها الانتخابية، فهى سهلة جدا، حيث يمكنها توكيل رجل ما، كى يذهب إلى الناخبين الرجال ويقول لهم: «مرشحتنا تقول كذا.. وسوف تفعل كذا.. وهى قوية الحجة.. وطيبة القلب.. إلخ»، وإذا لم تجد هذا الوكيل الذكى فيمكنها التعاقد مع إحدى الشركات المتخصصة القادرة على شرح وجهة نظرها للناخبين.
هل رأيتم كم هى المسألة سهلة جدا؟. جعلنا المرأة تشارك بقوة فى الانتخابات دون أن تتفوه بكلمة واحدة، ودعمنا وجودها دون أن تتواجد، وشجعنا حضورها الفاعل وهى غائبة، كم نحن عباقرة؟، وسترون فى القريب العاجل كيف سيشعر العالم أجمع بالدهشة، بسبب هذا الأسلوب الجديد فى الانتخابات.
صحيح إننا كنا بغنى عن هذه المشاركة النسائية العجيبة، ولكننا أردنا فقط أن نثبت للعالم بأننا نملك حلا لكل مشكلة، بغض النظر عن كون حلولنا أسوأ من مشاكلنا، ولا داعى للتأكيد بأنه فى حال نجاح أى مرشحة من مرشحات البلوتوث، فإنها ستواجه عوائق كبيرة فى حضور جلسات المجلس البلدى أو التعامل مع البلدية، باعتبار أن مسئوليها من الرجال، وهكذا سوف تدير شئون المدينة من المطبخ وترسل مرئياتها عبر «الواتس آب» إلى الوكيل الذى سينقلها إلى زملائها الرجال. لكن ماذا لو احترقت الكبسة وهى مشغولة بمصالح المواطنين؟. هذا هو سؤال المرحلة الذى يجب أن نضعه فى الاعتبار قبل أن نقدم على خطوتنا الكبيرة التى نريد أن نقوم بها وأقدامنا مسترخية فى طشت ملىء بالماء والملح.