دفء فى بيت السفير الإيرانى
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الإثنين 13 فبراير 2012 - 8:50 ص
بتوقيت القاهرة
فى بيت السفير الإيرانى بالقاهرة مجتبى آمان همس أحد السياسيين فى أذنى قائلا: (تخيل فى الاحتفال السنوى بالعيد الوطنى لإيران لم يكن يأتى أكثر من مائة مدعو.. الآن انظر معظم رموز مصر موجودة الليلة).
قلت له إنها لعبة السياسة ومتغيراتها وشعارها «دوام الحال من المحال».
فى حديقة فيلا السفير كان يمكن للحاضر أن يرى أثر ثورة 25 يناير على احتفال إيران بذكرى ثورتهم التى اقتلعت نظام الشاه الفاسد عميل الأمريكان والإسرائيليين فى مثل هذه الأيام من عام 1979.
فى هذه الحديقة ــ التى تصلح ملعبا لكرة القدم ــ كان هناك الإخوانى واليسارى والقومى، وممثلون للأزهر والكنيسة، ونواب وفنانون وإعلاميون والعديد من الدبلوماسيين.
الابتسامات بين المصريين والإيرانيين فى هذه الحديقة القريبة جدا من قصر العروبة كانت واسعة والحرارة محسوسة رغم برودة الجو، والجميع يتحدث عن الغد الذى ستعود فيه العلاقات طبيعية، لكن أحدا لم يستطع أن يجزم متى يأتى هذا الغد بالتحديد ؟!.
أحد السياسيين قال لى إن هناك حاجزا نفسيا تضخم بين الجانبين. سياسى آخر يعتقد أن هناك قوى فى مصر لا تريد علاقات طبيعية مع طهران لأن هواها أمريكى.
الواقع يقول إن القطيعة المستمرة منذ ثورة الخمينى على الشاه قد راكمت مرارات كثيرة فى الجانبين وأن البؤس الذى انتهى إليه الدور المصرى على يد نظام حسنى مبارك قد أغرى لاعبين إقليميين كثيرين ومنهم إيران كى تمارس هذا الدور فى مناطق يفترض بداهة أنها مناطق تأثير مصرية من أول السودان مرورا بالخليج وسوريا ونهاية بفلسطين.
لا أحد يلوم طهران وهى تسعى لحماية وتعظيم مصالحها، لكن اللوم لأولئك الذين قزموا الدور المصرى فى كل المنطقة.
فى مصر مثلما فى إيران هناك قوى حاربت بكل ما تملك من أجل عدم عودة العلاقات، بل تكاد تسمع أصواتا فى مصر تتمنى أن توجه إسرائيل ضربة للمنشآت النووية الإيرانية.
مثل هذه الأصوات الشاذة لا تدرك أن كل ما هو فى صالح إسرائيل هو بالطبيعة ضد مصالح مصر وأمتها العربية.
صحيح أن المصالح القومية العربية لمصر قد تختلف أو تتنافر أحيانا مع مصالح إيران القومية الفارسية، لكن المؤكد أن ما يجمعنا مع إيران لا يعد ولا يحصى مقارنة بما يفرقنا عن إسرائيل وكل من يدعمها ضدنا.
بعيدا حتى عن العوامل المشتركة الكثيرة وأهمها الإسلام والجيرة التاريخية، فإن عوامل المصلحة البحتة تدفعنا للإصرار على وجود علاقات طبيعية مع إيران تقوم على المصالح المجردة.
قبل أيام سمعت من مسئول مصرى تقديرا للموقف الإقليمى يقول فيه إن الضربة الإسرائيلية ضد إيران المدعومة أمريكيا، ستكون هى ساعة الصفر لبدء تنفيذ الخطة الإسرائيلية فى المنطقة.
هذا المسئول ــ الذى يرجح وقوع هذه الضربة ــ يعتقد أن تل أبيب قررت التضحية بنظام الأسد فى دمشق، ليس لدفاعه عن فلسطين، لكن لأنه ذراع لإيران على حدودها، وهى لن تندفع لضرب إيران قبل أن تقطع هذه اليد السورية.
المسئول المصرى قال بوضوح أن مصلحة مصر ضد أى استهداف لإيران.
والحسابات البراجماتية تقول إن كل ما هو ضد إسرائيل هو رصيد لمصر وللعرب وبالتالى فحسابات المصلحة البحتة تحتم على مصر وإيران التعاون من أجل تعظيم مكاسبهما.
وحتى لا يتهمنى البعض بالعنترية. أقول أن العلاقات الطيبة مع طهران لا تعنى أن نذهب غدا ونفتعل خناقة مع واشنطن أو نعلن الحرب على إسرائيل بل هى قد تدفع علاقتنا مع واشنطن لتكون أكثر ندية وصحية بديلا لحالة التبعية المزمنة.