‎أئمة في خدمة الاحتلال ويهود ضد الصهيونية

سمير عمر
سمير عمر

آخر تحديث: الأحد 13 يوليه 2025 - 8:15 م بتوقيت القاهرة

‎هؤلاء الأئمة المزعومون ضربوا صفحا، عن معاناة الشعب الفلسطينى من إبادة جماعية ‏وعدوان غير ‏مسبوق ومجازر ومذابح وقتل متواصل للأبرياء لأكثر من 20 شهرا.

‎هكذا وصف الأزهر الشريف زيارة قام بها عدد من «الأئمة الأوربيين» الأسبوع الماضى إلى إسرائيل، مضيفا فى بيان رسمى أنه «يستنكر بشدة هذه الزيارة، التى أجراها أشخاص عَمِيت أبصارهم وبصائرهم، وتبلدت مشاعرهم عما يقاسيه ‏هذا الشعب المنكوب، وكأنهم لا تربطهم بهذا الشعب أية أواصر إنسانية أو دينية أو أخلاقية».

‎أما مفتى الجمهورية، فقد وصفهم بأنهم: «باعوا ضمائرهم بثمن بخس، وتوشحوا برداء الدين زورا ليقفوا أمام قادة الاحتلال فى مشهد شائن يروج لسلام زائف وحوار ملطخ بدماء الأبرياء».

‎وقد قوبلت زيارة هؤلاء الأئمة الذين جاءوا من عدة بلدان أوروبية، رغم أن جذورهم تنتمى لبلدان عربية بهجوم واسع النطاق وحظيت زيارتهم باحتقار عربى وإسلامى عام سواء أكان على المستوى الرسمى أم الشعبى.

‎هذه الواقعة وما أثارته من ردود فعل غاضبة على مختلف الصُعُد أعادتنى لوقائع مهمة فى تاريخ مصر الحديث كانت على النقيض تماما مما فعله هؤلاء الذين ينتسبون إلى الدين الإسلامى.

‎فقد شهدت مصر فى النصف الأول من القرن العشرين حالة استقطاب غير مسبوقة لعبت خلالها الحركة الصهيونية مع من دعمها من القوى الاستعمارية أدوارا معقدة فى محاولة لدفع اليهود المصريين إلى الهجرة إلى إسرائيل وتأييد قيامها.

‎ذات المشهد تكرر فى بلدان عربية عديدة دون شك، لكن للحالة المصرية دائما وضع خاص، فماذا كان موقف غالبية اليهود المصريين فى ذلك الوقت؟

‎فى سنة 1936، وفى أعقاب الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال البريطانى والحركة الصهيونية لجأ عدد من قادة الانتفاضة إلى مصر وكان على رأسهم موسى الخالدى والحاج أمين الحسينى اللذان أقاما فى فندق الكونتننيتال فى ميدان الأوبرا بقلب القاهرة، وأثناء وجودهما فى مصر توجه إليهما شابان يهوديان مصريان هما يوسف درويش وريمون دويك وكانا عضوين فى «عصبة أنصار السلام» فى القاهرة، و«عصبة أنصار السلام» تأسست فى مطلع الثلاثينيات فى هولندا، وكان بين مؤسسيها الزعيم الهندى نهرو، وهى العصبة التى سبقت المؤسسات الأممية والدولية بإعلان الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية.

‎توجه يوسف درويش وريمون دويك إلى موسى الخالدى وأمين الحسينى ليعلنا دعمهما للانتفاضة الفلسطينية، ورفضهما لممارسات الاحتلال البريطانى والعصابات الصهيونية فى فلسطين، وكان هذا التحرك نابعا من انتماء مصرى وإنسانى فى آن واحد، كما كان تجسيدا لموقف الحركة الوطنية فى مصر بامتياز.

‎وبعدها بحوالى عشر سنوات، وفى عام 1947 وأثناء التفكير فى إعلان قرار التقسيم وتأسيس  إسرائيل، أوفدت الأمم المتحدة بعثة لتقصى الحقائق إلى منطقة الشرق الأوسط، وزارت البعثة مصر وأقامت فى فندق شبرد الذى كان قائما فى شارع إبراهيم باشا «شارع الجمهورية حاليا» بوسط القاهرة، وساعتها استمعت اللجنة لأراء عدد من الناشطين المصريين وكان من بينهم يهود مصريين بالطبع، وهؤلاء أعلنوا رفضهم لقيام دولة إسرائيل.

‎ولعبوا أدوارا مهمة فى الحركة الوطنية المصرية، وفى حركة مقاومة الصهيونية، ويكفى أن نشير هنا إلى أن واحدا من الكتب المهمة فى تاريخ فلسطين وهو كتاب «فلسطين بين مخالب الاستعمار والصهيونية»، كان من تأليف صادق سعد وأصدره عام 1947، وكان لا يزال يهوديا فى هذه الأثناء.

‎ ولعل هذا ما دفع قيادات الحركة الصهيونية إلى تكثيف محاولات اختراق الطائفة اليهودية فى مصر وتجنيد أكبر عدد منها لصالح تأييد قيام دولة إسرائيل، وبدأوا فى الإعداد لعدد من العمليات لتخويف اليهود المصريين من البقاء فى مصر ودفعهم للهجرة إلى أرض الميعاد فى فلسطين.

‎كان عدد أبناء الطائفة اليهودية فى مصر فى هذه الأثناء نحو خمسة وسبعون ألفا، وكان زعيم الطائفة اليهودية الحاخام الأكبر «حاييم ناحوم أفندى»، الذى ولد فى تركيا ثم جاء إلى مصر وحصل على جنسيتها، وتولى منصب الحاخام الأكبر فى مصر فى 2 مارس 1925، فقد كان مصريا خالصا، وبقى حتى رحيله فى 13 نوفمبر 1960 زعيما روحيا لليهود المصريين، وكان عضوا فى مجمع اللغة العربية من أكتوبر 1923 وحتى وفاته وحين توفى أقام مجمع اللغة العربية حفلا لتأبينه، ونعاه العملاق عباس محمود العقاد.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved