مَنْ اعترض.. انطرد
نادر بكار
آخر تحديث:
الجمعة 13 سبتمبر 2013 - 8:37 ص
بتوقيت القاهرة
«من اعترض.. انطرد» هى أحد أبرز قواعد التعامل بين الشيخ ومريديه أو تلامذته وفق النظرة الصوفية ؛ وهى ـ كما ترى ـ قاعدة بليغة إلى حدٍ لا تحتاج معه إلى إسهابٍ فى شرح معانيها.. قاعدة تتجاوز حتى فكرة تهميش الآراء وعدم اعتبار أهميتها إلى تجريم مجرد إبدائها لو انحرفت قيد أُنملة عمَّا يراه الشيخ.. وإلا فشر طردة ٍتنتظر من يجسر على ذلك من المريدين.
لا تقلق، فأنا نفس الشخص الذى صب َّجام غضبه من قبل على كل من انتمى للتيار الإسلامى وأصر على التبشير بهذه القاعدة لإرهاب خصومه وقمع آرائهم.. واليوم أكرر الشيء ذاته على كل من يتبنى نصب محاكم التفتيش عن الآراء المخالفة فى مسائل تقبل الخلاف السائغ وتستوعب تنوع وجهات النظر.. مع هؤلاء الذين ضاقت آفاقهم وقصرت عقولهم عن مواجهة الحجة بالحجة وآثروا البطش والزجر والتهديد كخيار كل فاش ٍ؛ بدلا من التبارى فى ساحات النزال الفكرى دفاعا عن آرائهم.
كنا نقول إن كلمة التوافق محببة إلى النفس لاسيما وقد كثر استعمالها بعد الثورة تعبيرا عن الرغبة فى الوصول إلى حلولٍ ترضى الجميع ؛ وكنا نتفهم فى الوقت ذاته أن التوافق مع ذلك لن يلغى فكرة وجود الاختلاف وإنما يحاول فقط تنظيم التعامل مع هذا الاختلاف.. أمَّا الآن فإمَّا القبول بالرأى الواحد لا مبدل له أو فلتخرج من الحياة نفسها غير مأسوف ٍعليك.
وكما كان الإيمان والكفر سلاحا يستخدمه البعض لابتزاز خصومه ومخالفيه الرأى ؛ فإما الانصياع لرغباته أو إشهار هذا السلاح فى وجوههم ؛ فإن نفس الأمر يمكن أن تكرره قضية الوطنية والانتماء إلى سلاح ٍلابتزاز من نختلف معهم.. اقبل بهذا وقر به عينا وإلا اتهموك بنقص الوطنية أو انعدامها بالكلية ولاتهموك كذلك بأنك حجر العثرة أمام أى تقدم مأمول، وبأنك سبب كل فرقة يعانيها الوطن.
«من اعترض.. انطرد» قاعدة يجرى الترويج لها الآن بقوة كلما تطرق الحديث إلى عمل الجمعية التأسيسية لتعديل الدستور ؛ وتشهر تحديدا كلما حاول حزب النور أن يدافع عن وجهة نظره ؛ لكن المؤكد أن حزب النور لن يعانى وحده أمام هذه الموجة الشرسة من الإرهاب الفكرى ومصادرة الحق فى الرأى بل إن الأمر سيطال كثيرين غيره إن آجلا أو عاجلا.
أصحاب الحجة القوية والأفق الواسع وحدهم يواجهون هذه الفاشية فى كل زمان ولسان حالهم ومقالهم { وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدى أَوْ فِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ }.