«نساء بلا رجال»
محمود قاسم
آخر تحديث:
الجمعة 13 سبتمبر 2019 - 10:15 م
بتوقيت القاهرة
ترى هل قام المخرج الراحل يوسف شاهين باستنساخ شخصيات ومشاهد من فيلمه «نساء بلا رجال»؛ ليعيدها كاملة فى فيلم آخر أخرجه بعد سنوات هو «بين ايديك» 1960، كلا الفيلمين متاح للمشاهدة على اليوتيوب. كما أن الكثيرين منا شاهدوا الفيلمين فى القنوات ولا أتصور أن الناس لاحظت التكرار الموجود فى تصميم الشخصية التى جسدتها زينات صدقى، وتسريحة شعرها الغريبة، والحياة التى تعيشها فى الفيلم، وأيضا علوية جميل التى تقوم يدور المرأة المتسلطة التى أغلقت باب بيتها على أسرتها، وكلهن من النساء ومنعت عنهن التواصل مع العالم الذى يملؤه الرجال، كما أن هناك تشابها كبيرا بين الشخصية التى جسدتها زوزو حمدى الحكيم، ثم قسمت شيرين من بعدها، بالطبع هناك الكثير من التفاصيل المختلفة بين الفيلمين، لكن الموضوع الرئيس واحد، وهو أن هناك امرأة تعامل معها زوجها السابق بقسوة، فقررت حماية البنات فى أسرتها سواء كانت أختا أو ابنة، وأغلقت عليهن الأبواب، ومنعتهن من التواصل مع العالم، إلى أن يدخل رجل إلى المكان فى ظروف استثنائية وتتغير الأمور.
الفيلم الأول عن فكرة للأديب إحسان عبدالقدوس الذى كتب للسينما بعض الأفكار بعد ثورة يوليو. وكانت البداية فى «نساء بلا رجال» 1853، لكنه كان قد انتهى من تأليف قصة فيلم «الله معنا»، قبل ذلك واستوحاها من علاقته برجال الثورة وعلى رأسهم محمد نجيب، ومزج بين الثورة وموضوع مفتعل اسمه الأسلحة الفاسدة، أما فى فيلم«رجال بلا نساء» فرغم أن السياسة تأتى فى قرب نهاية الأحداث، فإن عبدالقدوس نادى زملاءه من خلال الفيلم بأهمية موضوع الديمقراطية، وترك القصة الرئيسة فى الفيلم وهى المرأة التى تركت زوجها فجأة لتعلن لفتاته الجديدة أنها لم تعد تحبه، كى ييدأ التركيز على موضوع الاننخابات فى الريف، وفى ظل العهد الجديد، تكون المنافسة شديدة بين الابن الذى غضب على ابيه وترك له الدار ليعيش مع زوجته فى بيت عمته التى لا تسمح أبدا بدخول الرجال إليه، هذا الأب الذى يريد أن تكون له حيثية بين أهل القرية التى لم يعد يعيش فيها، ويتفانى فى التنديد بخصمه حتى ينتصر عليه، لكن أغلب الاشخاص فى الفيلم يتحولون من الشىء إلى نقيضه فى لحظات، فإن الأب بإيعاز من ابنة أخته، وبعد نجاحه فى الانتخابات، يتنازل لابنه الشاب مجدى عن مقعد البرلمان، ووسط التحولات الحادة فإن الزوجة التى تركت زوجها معلنة انها لم تعد تحبه، تعود كى تنتزعه من ابنة عمته التى وقفت إلى جانبه، حتى نجح، وفى لحظة هطل فإن مجدى يحتضن زوجته العائدة اليه مع وليدها، ويهمل المرأة التى اعلن لها حبه، بأداء بالغ السذاجة من عماد حمدى، ومن الواضح أن الرمزية فى الفيلم بالغة السذاجة، فالمستقبل للشباب سياسيا على الاقل، لكنهم فى رأى شباب متهور، وبلا مشاعر حقيقية، ولأنه ما أكثر مواقف الهطل فى أغلب الفيلم فإن كل امرأة من المحرومات سرعان ما تجد حبيبا مناسبا لها ويتم حل كل المشكلات فى لحظات.
الغريب بالنسبة لسينما يوسف شاهين ان مسيرته الفيلمية امتلأت بافلام يكثر بها الهطل، وفد تناساها دوما فى حياته لكنها موجودة ونشاهدها بين وقت وآخر، ما يعنى ان خاتم اسم المخرج ليس الضمان الوحيد لجودة الفيلم حتى وان كان مخرجه هو يوسف شاهين الذى كان يجيد التعامل مع كبار النجوم من فيلم لآخر، وكانت معه هنا مارى كوينى فى فيلمها الأخير وكانت فى أحسن حالاتها كممثلة، بالإضافة إلى هدى سلطان وعماد حمدى وكمال الشناوى وعلوية جميل ومختار عثمان وكثيرين.