نشر مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية CSIS مقالا للكاتب ويل تودمان، يحاول الكاتب ــ فى هيئة سؤال وجواب ــ شرح سبب تشكيل الحكومة أخيرًا بعد أكثر من عام، وما إذا كانت ستحصل على دعم شعبى، وما هى الآثار الفورية والتحديات طويلة المدى التى ستواجهها... نعرض منه ما يلى.بعد 13 شهرًا من الجمود السياسى فى لبنان، أعلن نجيب ميقاتى فى القصر الرئاسى يوم الجمعة 10 سبتمبر 2021 تشكيل حكومة. وسيترأس ميقاتى حكومة من 24 وزيرا نالت دعم الرئيس ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه برى.
س 1: لماذا تشكلت الحكومة بعد أكثر من عام؟
ج 1: طغت أزمات لبنان على إحجام السياسيين عن التسوية. فبعد عقود من الازدهار النسبى، يعيش ثلاثة أرباع سكان لبنان الآن فى فقر، وتستطيع الدولة توفير الكهرباء لأقل من ساعتين فى اليوم، وهناك نقص واسع النطاق فى الأدوية والوقود والغذاء. كما وصف البنك الدولى الانهيار الاقتصادى فى لبنان بأنه إحدى أسوأ ثلاث أزمات فى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.
إصرار جبران باسيل على الحفاظ على «الثلث المعطل» من الوزراء كان من أهم معوقات تشكيل الحكومة. باسيل قيادى فى التيار الوطنى الحر وصهر الرئيس عون. وعلى الرغم من أنه مسيحى، إلا أن حزبه متحالف بشكل عام مع حزب الله الذى يقوده الشيعة. إذا كان باسيل وحلفاؤه يسيطرون على ثلث المناصب الوزارية، يمكن لباسيل أن يستخدم حق النقض ضد قرارات مجلس الوزراء ويهدد بإسقاط الحكومة كوسيلة لتعزيز طموحاته السياسية. ولا يبدو أنه نجح فى تأمين النصاب المطلوب (ثلث المناصب الوزارية) للتمتع بحق النقض هذا، لأن اثنين من الوزراء المسيحيين مستقلان غير متحالفين مع باسيل أو حلفائه. ولربما يكون الضغط الذى مارسه حزب الله وإيران أقنعه بالتخلى عن هذه المطالب، حيث بدأت أزمات لبنان تؤذى حتى قاعدة حزب الله.
س 2: هل ستحظى الحكومة الجديدة بالتأييد الشعبى؟
ج 2: الحكومة الجديدة لن ترضى الشعب اللبنانى الذى طالب بالتغيير. لبنان يشهد احتجاجات فى الشوارع منذ أكتوبر 2019. ويدعو العديد من المتظاهرين والمتظاهرات إلى وضع حد للفساد المستشرى فى النظام السياسى، واحتج عدد متزايد على الأساس الطائفى المستمر للسياسة اللبنانية، الذى وزع السلطة السياسية بناءً على تعداد السكان فى عام 1932. النظام اللبنانى، الذى تم تنقيحه فى اتفاق 1989 الذى أنهى الحرب الأهلية فى البلاد، له تأثير فى مساعدة الزعماء الطائفيين فى تأمين الغنائم للفئة الضيقة التى يمثلونها. وعلى الرغم من وجود عدد قليل من الشخصيات المحترمة والمستقلة فى التشكيلة الجديدة، إلا أن العديد منهم وجوه مألوفة كانوا هدفًا للاحتجاجات السابقة. فميقاتى هو ملياردير سبق اتهامه بالفساد، ووزير المالية هو مهندس السياسات المثيرة للجدل للبنك المركزى والتى يعتقد الكثيرون أنها عجلت الأزمة المالية، كما أن وزراء رئيسيين آخرين ينتمون إلى أحزاب سياسية كبرى. هذا فضلا عن وجود امرأة واحدة فقط فى التشكيلة الوزارية الجديدة.
ومع ذلك، سيشعر بعض اللبنانيين واللبنانيات بالارتياح لأن البلاد لديها أخيرًا حكومة يمكنها محاولة معالجة أزمات لبنان العديدة، ويأمل الشعب اللبنانى أن تتمكن هذه الحكومة من إبقاء البلاد واقفة على قدميها حتى الانتخابات النيابية المقررة فى مايو المقبل.
س 3: ما هى الآثار المباشرة لتشكيل الحكومة؟
ج 3: تسببت أنباء تشكيل الحكومة فى ارتفاع قيمة الليرة اللبنانية من 19 ألفًا إلى 15 ألفًا مقابل الدولار، مما أدى على الفور إلى زيادة القوة الشرائية لأفقر الفئات اللبنانية. كما سيحرر تشكيل الحكومة مئات الملايين من الدولارات فى شكل قروض من البنك الدولى وصندوق النقد الدولى، ومساعدات إنسانية من المانحين الدوليين. سيتم صرف جزء من هذه المساعدات للأسر اللبنانية الأشد فقرا من خلال برنامج البطاقة التموينية الجديد. وستكون الحكومة أيضًا قادرة على استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولى من أجل خطة إنقاذ أكبر، والتى توقفت بعد انهيار الحكومة السابقة.
س 4: ما هى التحديات طويلة المدى؟
ج 4: سيكون التركيز المباشر للحكومة على الاستقرار الاقتصادى بدلا من الإصلاح. يواجه ميقاتى مواعيد نهائية ضيقة، مع بقاء تسعة أشهر فقط على الجولة المقبلة من الانتخابات البرلمانية (التى وعد بإجرائها فى موعدها). من أولويات ميقاتى الآن رفع الدعم الحكومى عن السلع الأساسية. ورغم أن القيام بذلك سيساعد فى تأمين الخزانة ولكنه يهدد بإغراق اللبنانيين واللبنانيات الضعفاء فى فقر أعمق. يحتاج ميقاتى أيضًا إلى إيجاد طريقة عادلة لتوزيع الخسائر فى القطاع المالى. لكن قلة يؤمنون بأن وزير المالية، وهو مسئول سابق فى البنك المركزى، سيفعل ذلك.
من المرجح أن تحصل حكومة ميقاتى على الدعم الدولى ولكن سيتعين عليها اجتياز منحدرات صعبة. حزب الله لديه وزيران فى الحكومة الجديدة، وإدراج حزب الله فى الحكومة سيعيق التعاون مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى. كما أن النفوذ الإيرانى المفترض فى الحكومة الجديدة سيثنى دول الخليج العربى عن استئناف مساعداتها للبنان. باختصار، سيتعين على ميقاتى التعامل مع القوة المحلية لحزب الله مع إقناع اللاعبين الدوليين باستقلال حكومته عن حزب الله. ومن المرجح أن يسعى لإقناع الدول الغربية بأن حزب الله سيكون له قوة أكبر فى البلاد إذا انهار لبنان.
إعداد: ياسمين عبداللطيف زردالنص الأصلى: