سوريا.. والربيع العبرى
ناجح إبراهيم
آخر تحديث:
الجمعة 13 ديسمبر 2024 - 7:35 م
بتوقيت القاهرة
لم يستند إلى شعبه السورى ولم يعل عليه ولكن ظلمه وقهره واستند إلى روسيا فباعته، وحولته من حاكم إلى لاجئ، استند على حزب الله والميليشيات الأخرى فخذلته، وجاء الربيع العبرى لتسود إسرائيل المنطقة، وتدمر الجيش السورى تماما ولم تترك منه شيئا وهناك أخبار بأنها تغتال علماء سوريا العسكريين أو الذين عملوا فى مجالات استراتيجية.
إسرائيل وتركيا وأمريكا يعربدون فى سوريا، والعرب لا حس ولا خبر.
ما حدث فى سوريا من الانهيارات السريعة وغير المتوقعة لنظام الأسد نتجت عن اتفاق أمريكى إسرائيلى تركى مع فصائل المقاومة ومع بشار بتسليم السلطة طواعية مع ضمان سلامته وأسرته، وتشعر أن الجميع يؤدى دوره بسلاسة.
ما حدث فى سوريا هو عملية «تسليم وتسلم» متفق على كل خطواتها مسبقا وبتعهدات تركية أمريكية روسية وبمشاركة بعض العرب بحيث تتم عملية انتقال السلطة دون قتال أو دماء ودون المساس بالهيئات الدبلوماسية ولا عمليات تطهير عرقى أو ثارات أو نهب المؤسسات ومنع أى تهديدات لدول الجوار، ودون تدخل من الجيش الروسى أو التعرض للقاعدة العسكرية الروسية.
وفى ذات الوقت الذى تقوم فيه إسرائيل بمئات الغارات الحربية المنظمة على قواعد الصواريخ ومراكز الأبحاث العسكرية والكيماوية المتقدمة وكل ما يمكن أن يزعج إسرائيل فى المستقبل فضلاً عن احتلال منطقة جبل الشيخ الاستراتيجية دون صوت اعتراض أو بيان شجب قوى وفعال، الغالبية صامتة ، هذه بداية تمزق سوريا.
بعد سقوط نظام الأسد مباشرة شنت إسرائيل فى يوم واحد 350 غارة على سوريا تم فيها تدمير قرابة 2700 دبابة سورية وتدمير 26 مطارا عسكريا وكل الطائرات العسكرية فيها، وتدمير 74 سفينة حربية، وتدمير 500 طائرة فى ليلة واحدة.
واحزناه على الجيش السورى الذى كان فى يوم من الأيام مفخرة من مفاخر العرب وشارك الجيش المصرى فى نصر أكتوبر عام 1973، والآن ستكون سوريا من اليوم بلا جيش، وقد تغمرها عشرات الميليشيات إذ إن عدد الفصائل المسلحة فيها الآن يجاوز 40 فصيلاً مسلحا وكل له هواه وفكره.
سقوط نظام الأسد فى سوريا هو بداية النهاية للنفوذ الإيرانى فى المنطقة العربية، وسيؤدى إلى ضعف حزب الله اللبناني، وقد يؤدى إلى استقلال القرار اللبنانى الرسمى بعيدا عن سلطة حزب الله، سقوط الأسد سيؤدى إلى تغييرات استراتيجية عميقة فى المنطقة.
بعد سقوط نظام بشار الأسد أصبحت سوريا ملعبا مفتوحا على مصراعيه أمام إسرائيل تسرح فيه وتمرح وتصول فيه وتجول، وستتحول سوريا من الملعب الإيرانى إلى الملعب التركى الأمريكى الإسرائيلى، وستكون خادمة للمصالح الإسرائيلية الأمريكية أكثر من أى وقت مضى، «إنه الربيع العبرى» وستبتعد كثيرا عن الملعب العربى المهترئ أصلاً.
«الجيش السورى العربى» الذى كان يعد القوة العربية العسكرية الثالثة تم تدميره تماما، أى دمرت جيش الدولة السورية، والباقى سرح تماما لتعيش سوريا بعدها بلا سلاح ولا جيش «وأمجاد يا عرب أمجاد» كلاكيت لما حدث فى العراق وليبيا من قبل، وكما ضاعت العراق ستضيع سوريا كذلك، ووداعا سوريا حتى حين لا يعلمه إلا الله.
أجمل الأخبار السورية هى تحرير آلاف السجناء من سجن صيدنايا بريف دمشق وهو أعتى سجون سوريا وفيه سراديب سرية تحت الأرض احتاج فتحها إلى آلات قوية، منظر السجناء وهم خارجون من هذه السراديب محبط وبائس، وجوههم باهتة ثيابهم رثة، عيونهم زائغة.
أفضل ما حدث بعد سقوط الأسد هو بدء عودة المهاجرين السوريين جميعا إلى بلادهم وأوطانهم، وأرجو أن يعم السلام على هذه الأرض ويسود الأمن بين ربوع سوريا جميعا.
وقف فى وسط دمشق يقول أمام الكاميرات: لا إله إلا الله، سبحان الله أنا وخمسة وخمسون شخصا كان مقررا إعدامنا اليوم ونحن الآن أحرار فى وسط دمشق، هكذا يأتى فرج الله، وهكذا يفعل الله مع عباده «كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِى شَأْنٍ» يفرج كربا، ويزيل هما، ويفك عانيا، أشياء لا يصدقها العقل، يسقط الأسد ويتحرر الأسرى.
فرح العرب من قبل لسقوط القذافى وعلى صالح وصدام ثم خربت البلاد وقسمت بعدهم.
الخلاصة أن كل العقلاء لا يحزنون على سقوط بشار ولكنهم خائفون من القادم، خائفون من سقوط الدولة ومؤسساتها فى أيدى أى ميليشيات.