الدين في المجموع

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الثلاثاء 14 يناير 2025 - 6:20 م بتوقيت القاهرة

 

قد لا أذيع سرًا أنه أثناء طرح فكرة وجود قانون موحد لبناء دور العبادة، منذ أكثر من عقد من الزمن، أن بعض القيادات الكنسية أبدت تخوفًا وتحفظًا من الفكرة، بينما كان المثقفون والنشطاء يدفعون فى هذا الاتجاه تأكيدًا على مبدأ المساواة فى المواطنة، وحرية ممارسة الشعائر الدينية. سر تحفظ القيادات الكنيسة، وهم ليسوا جميعًا من الأرثوذكس، هو الخوف من المقارنات التى تزيد من حدة المناخ الطائفى، ونجد أنفسنا محاطين بأسئلة المقارنات البغيضة من قبيل كم مساحة الكنيسة مقارنة بمساحة المسجد فى الحى أو الشارع، ما ارتفاع منارة الكنيسة مقارنة بارتفاع مئذنة المسجد؟ وهل مستوى التشطيب الداخلى والخارجى للمسجد مساوٍ أم أقل من مستواه فى الكنيسة، وهكذا؟ وهناك تشكيلات طائفية فى المجتمع على الجانبين تجد مساحة حضور لها باللعب فى الملف الدينى، ونظرًا لأن المجتمع لم يتخلص بعد من التعصب أو التشنج الدينى فإن هذه الأسئلة تستخدم فى التحريض والتوتر ونشر ثقافة الكراهية، ولاسيما على وسائل التواصل الاجتماعى. وقد سمعت يوما أحد القيادات الكنسية يقول إنه إذا كان بناء المساجد مباحًا، فإن المطلوب ليس تقييد المباح، بل وضع إطار قانونى يسمح للأقباط ببناء كنائس تسد احتياجهم لممارسة الشعائر الدينية دون مقارنة بالمسلمين، منعًا للتوترات بين الجانبين، وهو ما تحقق بصدور قانون ينظم بناء الكنائس، حتى وإن رأى البعض أنه يحتاج إلى مراجعة.

تذكرت ذلك عندما أُعلن عن خطط وزارة التعليم فى جعل مادة الدين تدخل فى المجموع، بدلاً من أن تكون مادة نجاح ورسوب كما هو الحال الآن.

لا أعرف المنطلقات الفكرية لوزير التعليم؛ لأن سياساته تشعرك أحيانًا بالرغبة فى المدنية، وأحيانًا أخرى بالرغبة فى زيادة ثقل الجرعة الدينية تحت لافتة التطوير.. ومن ذلك فى نظام البكالوريا المقترح أن تضاف مادة الدين إلى المجموع، بما سوف يحمله ذلك من فخاخ لا تنتهى، وأهمها المقارنات الطائفية، والتى قد تستخدمها اتجاهات أو تيارات لنشر الكراهية،  وتسويق التعصب. وأتصور أن فى كل عام سنجد من يقول إن امتحان الدين المسيحى جاء أسهل من امتحان الدين الإسلامى حتى تسمح الدولة للطلاب المسيحيين بالحصول على درجات أعلى من أقرانهم المسلمين، أو العكس صحيح فقد يظن الأقباط أن هناك مجاملة للطلاب المسلمين على حسابهم، وقد لا يكون لهذا أو ذاك أساس من الصحة، إلا أن هناك من يستنبت الطائفية، وينفخ فيها.

لا أظن أن الطلاب سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين سيكونون أكثر تدينًا أو التزامًا أخلاقيًا إذا أضيفت مادة الدين إلى المجموع، بل قد يتحول إلى مادة دروس خصوصية وملخصات وربما الغش إذا أتيحت الظروف، طالما أن العبرة بالدرجات والشهادات.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved