من الطور إلى طرة .. 20 ساعة من الغموض
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الخميس 14 أبريل 2011 - 9:41 ص
بتوقيت القاهرة
حوالى 20 ساعة من الغموض عاشتها كل وسائل الإعلام المصرية والإقليمية من العاشرة صباح الثلاثاء حتى الثامنة من صباح أمس الأربعاء، وهى تتابع قصة محاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك ونجليه علاء وجمال فى جنوب سيناء. الغموض بدأ عندما تسربت معلومات تفيد بأن مبارك فى طريقه للمثول أمام سلطات التحقيق فى تهم متعددة، تبدأ من التربح والكسب غير المشروع وتنتهى بالمسئولية عن قتل المتظاهرين أثناء الثورة.
عندما انتصف نهار الثلاثاء بدأت التسريبات تتوالى.. وكالة الأنباء الألمانية قالت ان مبارك امتثل للتحقيق أمام نيابة الطور فى جنوب سيناء، فى نفس الوقت كان الموقع الرسمى لجريدة الأهرام باللغة الإنجليزية يؤكد أن مبارك سافر للعلاج فى الأردن. وبعد ذلك بقليل كان وزير الخارجية السعودى سعود الفيصل يجتمع مع المسئولين المصريين، بحثا عما وصفته المصادر بحل صحى، لا يمنع المحاكمة لكنه لا يضع مبارك فى السجن.
فى الثانية ظهرا، كانت القصة تزداد تعقيدا.. لا يوجد مصدر مسئول يرد على تساؤلات الصحفيين، بل إن كثيرا من هذه المصادر قرر أن يستريح من «وجع دماغ الصحفيين» وأغلق هاتفه بالضبة والمفتاح.
عندما دقت الساعة الرابعة عصرا كانت غرف التحرير فى الصحف تصرخ طلبا لمعلومة واحدة مؤكدة وهى تتهيأ لإرسال الطبعة الأولى إلى المطبعة، كى تلحق بقطارات المحافظات البعيدة.
فى السادسة، بدأت بعض ملامح الصورة تتضح، عبر تسريبات تقول إن مبارك كان يخضع للتحقيق ثم أصيب بأزمة أو وعكة صحية استلزمت نقله إلى مستشفى شرم الدولى، ورواية أخرى تقول انه أصيب بالأزمة عندما علم بخبر استدعائه.. بعدها بدقائق قيل إن جمال مبارك قد تم حبسه 15 يوما، وان مجدى راسخ ومحمود الجمال صهرى علاء وجمال قد سلما نفسيهما لسجن مزرعة طرة وظل اسما علاء وسوزان بعيدين عن التداول.
فى التاسعة والنصف تحدث وزير العدل محمد عبدالعزيز الجندى عن التحقيق فى المستشفى، ثم بيان توضيحى من النائب العام، أعقبه بيان أو تصريح جديد من وزير العدل.
نام الجميع وهم لا يعلمون حقيقة ما حدث ثم استيقظوا على قرار النائب العام حبس مبارك ونجليه 15 يوما على ذمة التحقيقات.
ما حدث خلال العشرين ساعة لا يليق بدولة فى جنوب القارة السمراء، ناهيك عن دولة انجزت ثورة تدعو للشفافية والوضوح.
قد نتفهم ألا تعلن السلطات عن موعد بدء التحقيق لأسباب أمنية، رغم أنه يصعب أيضا تصور وجود مخاطر أمنية على حياة الأسرة فى هذه المنطقة البعيدة والقليلة السكان. لكن لماذا لم يخرج علينا أى مسئول من الحكومة ليشفى غليلنا عما يحدث، ولمصلحة من تحدث كل هذه البلبلة والغموض؟!.
المغزى الوحيد الذى سيصل للناس نتيجة ما حدث هو إما أن هناك فوضى و«هرجلة» أو تخطيطا مقصودا لا نعرف إلى ماذا يهدف!.
إذا كانت السلطات حسمت أمرها وقررت التحقيق مع مبارك، فلماذا «تستكثر» علينا مجرد بيان يرد على كل الشائعات أولا بأول.
أكتب هذه الكلمات فى العاشرة من صباح أمس، ولا أحد يعرف حقيقة ما حدث طوال العشرين ساعة الماضية. سياسة «التطنيش» لا تصلح فى عهد الفيس بوك والتويتر.. وإذا كان الموظفون المصريون خبراء فى ضرب «الشهادات الطبية» للحصول على إجازة مرضية، فليتم ذلك بطرق وحيل تقنع الناس، لا أن «تستغفلهم».