تنظيم العمل الخيرى
عماد الغزالي
آخر تحديث:
الإثنين 14 يوليه 2014 - 5:15 ص
بتوقيت القاهرة
لا تكاد تشعر أن فى مصر مؤسسات للعمل الخيرى، إلا فى شهر رمضان، جمعيات لمحاربة الجوع والفقر والأمية والمرض، وأخرى لتوفير مياه نقية للمناطق المحرومة أو لتشغيل الفتيات وتطوير العشوائيات والنهوض بالقرى الأكثر فقرا، وهكذا.
وجود هذه الجمعيات، التى تعتمد أساسا على تبرعات القادرين، أمر محمود، لكن عملها بشكل موسمى أو حتى التعريف بها خلال الشهر الكريم فقط، ليس أمرا جيدا. مفهوم طبعا أن الإعلان عن أنشطة هذه الجمعيات خلال شهر الصوم يستهدف مخاطبة مشاعر الناس التوّاقة لفعل الخير ومساعدة الفقراء فى هذا الشهر أكثر من سواه، لكننا نحتاج فى هذه المرحلة إلى مسألتين فى غاية الأهمية لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذه الجمعيات:
أولاهما أن تنتشر هذه الجمعيات على نطاق أوسع، وأن يكون لها مقار فى أماكن معلومة فى كافة أقاليم مصر، ولا يعنى ذلك أبدا استغلال التبرعات فى بناء مقار خمس نجوم، ولا تعيين جيوش من الموظفين يلتهمون ما يجود به القادرون لمساعدة ذويهم من أبناء الوطن، إنما مقار بسيطة، تؤدى المهام المنوطة بها من ناحية، وتصل إلى أهل الخير فى أماكن تواجدهم من ناحية ثانية.
وثانيتهما أن تعمل وفق خطط واضحة ومعلنة ومستدامة، ولا أدرى إن كان بالإمكان تحقيق تنسيق ما بين هذه الجمعيات، كى يمكنها أن تعمل بشكل متناغم، فتغطى إحداها القطاعات التى لا تغطيها الأخرى جغرافيا وخدميا، ما يزيد إحساس الناس بتأثيرها فى حياتهم.
الحديث عن تنظيم العمل الخيرى للمؤسسات الأهلية يستدعى فكرة كنت طرحتها من قبل، تتعلق بتنظيم مساهمات رجال الأعمال، وكثيرين منهم يقدمون خدمات اجتماعية وإنسانية مشكورة، لكن بشكل فردى.
مؤدى الفكرة أن تنظم جمعيات رجال الأعمال عمل المنتسبين لها بطريقة تضمن استفادة كافة المحافظات منها، واقترحت حينذاك أن تتولى كل مجموعة من رجال الأعمال من أبناء المحافظة تمويل مشروعات بعينها فى قرى ومدن المحافظة، التى ينتمون إليها، وفق أولويات يعرفونها باعتبارهم من أبنائها، وتحقق هذه الفكرة عدة أهداف:
أولها أنها تضمن تنفيذ المشروعات ذات الأولوية باعتبار أن أهل مكة أدرى بشعابها، ما يجعل الناس يستشعرون نتائج هذه الأعمال ويتفاعلون معها بسرعة، فبناء مستوصف طبى فى قرية ومدرسة فى أخرى ورصف طريق فى ثالثة وورش لتعليم الحرف فى رابعة، سيكون أبعد أثرا وألصق بحياة الناس من الوعود بمشروعات كبرى، لا يرى الناس أثرا سريعا لها فى الواقع.
وثانيها أنها ستضمن أن تنفق الأموال المخصصة لهذه المشروعات فى مكانها تماما، فرجال الأعمال سيحرصون على مراقبتها بأنفسهم، كى يضمنوا أفضل طريقة لتشغيل فلوسهم، على العكس من المشروعات الحكومية التى يمكن أن يتسرب جزء كبير من مخصصاتها فى دوائر البيروقراطية والفساد المعتادة.
وثالثها أن هذا الإطار من العمل العام، سيستنهض همم رجال الأعمال ويغذى نزعاتهم التنافسية، وسيعمل كل فريق على أن تبدو المحافظة التى ينتمى إليها فى صورة أفضل.
ورابعها أنها تعيد الارتباط من جديد بين رجال الأعمال وأصولهم، فى إطار عمل جماعى ضخم، لا إنجاز فرديا، هدفه المظهرية أو كسب أصوات «أبناء الدايرة».
مجرد فكرة أتمنى أن تجد لها صدى على أرض الواقع.. وكل عام وأنتم بخير.