درس تويوتا

عماد الغزالي
عماد الغزالي

آخر تحديث: الإثنين 15 فبراير 2010 - 9:49 ص بتوقيت القاهرة

سحبت شركة تويوتا 9 ملايين سيارة من إنتاجها فى أسواق العالم، بعد اكتشاف عيب فى دواسة البنزين ببعض الموديلات.


وظهر رئيس الشركة فى عديد من المقابلات الصحفية يعتذر للمستهلكين عن الخطأ، ويعدهم أن يعوضهم عن سياراتهم بأخرى بلا عيوب.

نسمع نحن أبناء المحروسة هذه الأخبار فنضرب كفا بكف: كيف يمكن لشركة أن تتخذ قرارا من تلقاء نفسها بسحب إنتاجها من الأسواق، لمجرد ظهور عيب فنى بسيط قد لا ينتبه إليه المستهلكون، وكيف يمكن للشركة أن تتحمل الخسارة الناتجة عن هذا القرار والتى تقدر بمئات الملايين من الدولارات، وقد كان ممكنا أن تكفى على الخبر ماجور ولا من شاف ولا من درى.

هنا بالضبط يكمن الفارق بيننا وبينهم، بين من يحترمون قيمة العمل ويحرصون على صورة منتجهم ومصداقيته، ومن يسعون إلى نهب المستهلك والنصب عليه.

تشترى لمبة كهربائية فتفاجأ بعد يومين بأنها اتحرقت، تستدعى سباكا ليصلح لك عيبا فى مواسير الحمام فتدفع فى التصليح أكثر من ثمن الحمام نفسه، وقبل أن يمضى يكون قد استحدث لك عيوبا لم تكن موجودة أصلا، فتطلبه بعد يومين لإصلاحها.

يعطيك البائع منتجا معيوبا، فإذا رجعت إليه تشكو، أنكر أنه رآك، وربما نالتك لكمة أو رفسة تغادر بعدها وقد حفظت الدرس.

تذهب إلى الطبيب مصابا بنزلة برد فيطلب منك إجراء تحاليل على الجهاز التنفسى والعصبى والبولى، وعمل أشعة مقطعية وفوق بنفسجية وتحت تركوازية وتحليلات دم وفيروس سى، ليقنعك أن الموضوع كبير كبير، ثم تكتشف بعدها أن ثمة تعاقدا بينه وبين دكاترة التحاليل على التوريد المتبادل للزبائن.

يبنى المقاولون عمارات تتصدع مع أول هزة بمقياس واحد ريختر، لأنهم خنصروا فى الحديد والأسمنت والزلط.

والنتيجة أن مصر لم تعد تعرف الصنايعى «النمكى»، الذى يدرك أصول الصنعة ويعطيها حقها قبل أن يطالب بحقه.

توارى الأسطى وطفا على السطح الواد «بلية» الذى صار معلما دون أن يتعلم. اختفى أصحاب الرسالات وأفسحوا المجال لأصحاب الكروش الواسعة والذمم الخربة.

المدهش أننا جميعا نحفظ الحديث الشريف «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه»، لكننا نسينا ــ كالعادة ــ أن نعمل به.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved