حوار العقلاء.. لا حوار الطرشان
نادر بكار
آخر تحديث:
الجمعة 15 فبراير 2013 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
الحوار الوطنى القادم لابد أن يكون ملزما لكل الأطراف المشاركة فيه فلن يتحمل الوطن مزيدا من الفشل ونكص العهود والتنصل من المواثيق، ولتحقيق ذلك فلا بديل عن ضمانات تلتزم بها الرئاسة أولا بوصفها الراعى الأساسى لهذا الحوار وتلتزم بها أطياف المعارضة أيضا... ضمانات تضيق الخناق على كل من يريد المراوغة أو المناورة على حساب إهراق مزيد من الدماء الزكية واستنزاف مزيد من الموارد الاقتصادية.
«إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما».... توافر نية الإصلاح عند الجميع سيكون عاملا حاسما فى نجاح هذه الجولة من الحوار، وإذا ما اقترنت النية بإرادة وقدرة على بحث كل الحلول المطروحة مهما بلغ شططها فى تقديرات البعض فالنتيجة الإيجابية للحوار ستكون أقرب بكثير مما نتصور.
الحلول المطروحة يأتى على رأسها إقالة الحكومة الحالية والاستعاضة عنها بحكومة إنقاذ وطنى تسابق الزمن من أجل انتشال اقتصاد مترنح من كبوته، وهو مطلب لا يختلف اثنان من العقلاء على جدواه، فالإصرار على استمرار حكومة فاشلة بحجة ِضيق الوقت لاسيما بعد أن فندنا هذا الزعم أمر معيب يدل على عناد أو على رضا بالفساد.. فأيهما نختار؟
ولعلنا نحتاج مرة أخرى لاستباق تصريحات خرقاء غير مسئولة من عينة: (نتائج الحوار غير ملزمة) من شأنها أن تنسف آخر محاولات رأب الصدع ولملمة شعاث الوطن، نستبقها بالتأكيد على معانى الوفاء بالوعود التى أكدتها الشريعة فى قول الله عز وجل: «يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود» وقول نبيه صلى الله عليه وسلم: «المسلمون على شروطهم» يعنى ملتزمون بما اشترطوه وتعاهدوا عليه.
وتحتاج مؤسسة الرئاسة إلى انتهاج سياسة المصارحة مع الشعب المصرى قبل هذا الحوار وبعده لأن البديل عن سياسة المصارحة هو أبواب مفتحة على مصارعها أمام تكهنات وعلامات استفهام تسمم المناخ السياسى أكثر وأكثر وتتهاوى معها البقية الباقية من آمال الشعب بغير مبرر.
ونستبق أيضا المساعى الخبيثة لبعض وسائل الإعلام فى نشر الشائعات وبث الأراجيف محاولة وأد أى بادرة أمل فى الوصول إلى اتفاق، نستبقها بإصرارنا على أن لا نسمح لنميمة هنا أو وشاية هناك أن تؤثر على إراداتنا أو أن تثبط من هممنا.
حوار وطنى عاقل يعنى أن استعداد كل أطرافه لتقديم قدر من التنازل عن الحقوق وإظهار قدر من المرونة فى المواقف تسمح بالوصول إلى أرضية مشتركة، أمّا أن يجلس طرف على مائدة الحوار بشروط مسبقة، ويجلس أمامه من يضع قيودا مسبقة فمضطر أن أؤكد بضيق بالغ أنه سيكون حوارا من نوع آخر غير الذى نصبو إليه.. سيكون نسخة مكررة من.. حوار الطرشان!
وبالمناسبة لا يحتاج جهد «حزب النور» إلى استغلال هذه المساحة للحديث عنه إذ يكفيه شهادة القاصى والدانى له بعد جولات مكوكية مضنية استمرت أسبوعين كاملين لإقناع أطراف العمل السياسى بضرورة الحوار، لكننى أقول لكل من يزايد على مواقفنا: «لن توقفنا الاتهامات الباطلة عن المضى قدما فى النصح وتعديل المسار والقيام بالأمانة... والله المستعان على ما تصفون».