أضحك مبارك وأبكانا

عماد الغزالي
عماد الغزالي

آخر تحديث: الإثنين 15 أبريل 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

لخّصت ابتسامة مبارك الواثقة، وتلويحه لمناصريه من خلف القضبان أمس الأول ما وصل إليه الحال بعد عامين ونصف العام من الثورة، كان الرجل ينظر إلينا من خلف نظارته السوداء ولسان حاله يقول: عملتوا ثورة، شربتوا الإخوان، مبروك عليكم مرسى.

 

كل من شاهد الحالة التى بدا عليها مبارك فى المحاكمة خرج بهذا الانطباع.

 

وحدهم الإخوان قرأوا المشهد بطريقة مغايرة. أول ما قرأته لهم كان تعليقا للبلتاجى على الفيس بوك، قال فيه إن مبارك بدا بصحة جيدة، ولا حاجة لوجوده فى مستشفى المعادى ولابد أن ينقل إلى سجن طرة.

 

لم يفوّت القيادى الإخوانى الفرصة بالطبع، وحشر بسرعة عدة كلمات عن دم الشهداء والقصاص والثورة والثوار، لتأجيج المشاعر وزيادة الشحن و«استعادة الاصطفاف الوطنى» لما كان الوضع عليه فى الأيام الأولى للثورة، والمقصود طبعا الاصطفاف خلف الرئيس والمرشد والجماعة.

 

نفس الحيل البالية، نفس الأساليب الملتوية، نفس القدرة على قلب الحقائق ونشر الأباطيل دون أدنى شعور بالذنب والخزى ووجع الضمير، فهم مسئولون قبل غيرهم عما آلت إليه الأمور.

 

بدلا من الاعتراف بفشلهم وإخفاق مندوبهم فى الاتحادية، ونكثه بالوعود التى قطعها على نفسه واحدا تلو الآخر، وأدائه البليد الذى جعل قطاعات واسعة من المصريين يتحسرون على أيام مبارك.

 

بدلا من الاعتذار عن سلوكهم الإقصائى وشعورهم الاستعلائى وأكاذيبهم التى لا تنتهى، من أول مشروع النهضة إلى مشاركة لا مغالبة إلى نحمل الخير لمصر.

 

بدلا من الاحتماء بالأمة المصرية وبالثورة المصرية التى منحتهم شرعية الوجود العلنى وأخرجتهم من الظلمات إلى النور، وتصحيح مسارهم الذى سيوردهم قبل غيرهم موارد التهلكة.

 

بدلا من ذلك كله، يحدثونك عن ضرورة إعادة مبارك إلى السجن، ويشكلون لجانا طبية لنقله من مستشفى المعادى إلى طرة، بل وينشغل نائبهم العام بالأمر انشغالا عظيما، فيهاتف معاونيه من قطر للانتهاء من تقاريرهم خلال 24 ساعة.

 

كان أجدر بالإخوان أن يتساءلوا: من الذى أضحك مبارك وأبكانا، من الذى زرع اليأس فى نفوس الناس وقضى على أحلامهم فى التغيير، من الذى مزّق شعارات الثورة الأصيلة «عيش حرية عدالة اجتماعية»، واستبدل بها مخططات التمكين وهدم الدولة لحساب أوهام الخلافة والإمارة الإسلامية، من الذى سرق الثورة ووأد طموحاتها ووضعها فى حجر الأهل والعشيرة، من الذى يسير بنا من فشل إلى فشل دون أية رؤية أو قدرة اللهم إلا الاستدانة شرقا وغربا، وهى تكاليف ستدفع فواتيرها أجيال قادمة.

 

 من الذى سجن الثوار وعذّبهم وسحلهم عرايا، من الذى أطلق أكاذيبه ضد رفقاء الميدان ووصفهم بأنهم عملاء ومأجورون وممولون وخونة.

 

ثق تماما، لن يفكر الإخوان أبدا فى هذه الأسئلة، ولن ترد على خواطرهم أو تهجس بها ضمائرهم، لأنهم جميعا على هدى الآباء فى المقطم، يمارسون فضيلة إنكار الحقائق حتى لوبدت ناصعة ساطعة كقرص الشمس، وينفرون من المجادلة وتضيق بها صدورهم لأن «الحق أبلج والباطل لجلج».

 

يفر الإخوان من سؤال المستقبل واستحقاقاته، ويديرون الدفّة بدهاء مريض إلى اتجاه آخر، متصورين أن دعوات الثأر والانتقام قد تعيد لهم شعبيتهم المفقودة.

 

لم يفهموا بعد أن الناس يشغلها الحاضر ويقلقها الغد.. وليذهب مبارك والإرشاد والإخوان وكل الفاسدين والمستبدين إلى الجحيم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved