اعتراف دبلوماسى تركى: إيران تهيمن على المنطقة
صحافة عالمية
آخر تحديث:
الأربعاء 15 أبريل 2015 - 9:50 ص
بتوقيت القاهرة
نشرت صحيفة «توداى زمان» التركية مقالا للكاتب جوقان باجيك يتناول فيه الوضع التركى فى منطقة الشرق الأوسط من وجهة نظره والذى يرى أنه بدأ فى الأفول وسط تصاعد الدور الإيرانى المتوقع بعد الاتفاق النووى إضافة إلى التكتل العربى على خلفية تداعيات ما يحدث فى اليمن. وفى البداية يرى باجيك أن تركيا معزولة الآن، وقبل بضع سنوات، كانت القوة الرئيسية فى حركة المنطقة. واليوم، لا تظهر تركيا فى أى معادلة رئيسية لسياسة الشرق الأوسط. حيث تعتبر إما المملكة العربية السعودية أو إيران الثابت أو المتغير فى هذه المعادلة. ومن المفارقات، أن تركيا يبدو أنها أصبحت دولة تسعى سعيا حثيثا للحصول على حلفاء يساعدونها على الخروج من العزلة.
ويشير باجيك إلى أنه فى الآونة الأخيرة، انتقد الرئيس رجب طيب أردوغان بشدة محاولة إيران السيطرة على المنطقة؛ وهو اعتراف دبلوماسى نادر. ودعا طهران إلى سحب قواتها من اليمن وسوريا والعراق. واعتبر باجيك أنه من المحزن سماع أن المسئولين الأتراك يطالبون إيران بمغادرة اليمن وإيران وسوريا والعراق وهى البلدان التى كانت تعرف باسم الحديقة الخلفية لتركيا.
ويرى باجيك أنه لاشك فى أن عدم الاتساق أسوأ ما فى الأمر. فمنذ وقت ليس ببعيد، أعلن الرئيس أردوغان أن طهران بلده الثانى. فكيف يمكن أن يصبح بلد أردوغان الثانى الصداع الرئيسى لتركيا فى السياسة الخارجية؟ ألا يعد هذا فشلا ذريعا للسياسة الخارجية؟
وردا على تركيا، قال وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف، «من الأفضل لأولئك الذين سببوا ضررا لا يمكن إصلاحه بسبب أخطائهم الاستراتيجية وسياساتهم الطموح، اعتماد سياسات مسئولة ترمى إلى استخدام القدرات القائمة لإحلال السلام والتقارب فى المنطقة». ويبين باجيك أنه رد قاس جدا، فإيران، بصراحة، تتهم تركيا بارتكاب «أخطاء استراتيجية وسياسات طموح».
•••
وقد حكم العثمانيون اليمن ما يقرب من 400 سنة. وكانت كل من سوريا والعراق تحت الحكم العثمانى خلال نفس الفترة. ويعتبر إقرار تركيا بدور إيران المهيمن فى هذه الدول، على الرغم من العمق التاريخى الذى يربطها بتركيا، مـساويا. وهو الأمر الذى دعا باجيك للتساؤل حول مكان النموذج التركى، وقوته الناعمة، وكيف يمكن لبلد مثل إيران، مع مالديها من مشكلات العزلة الخطيرة، أن تسيطر على مثل هذه المساحة الجغرافية الكبيرة؟
وقد فقدت تركيا زخمها الإقليمى. حيث تنظم الكتلة العربية المدعومة من قبل الغرب، عملية عسكرية فى اليمن. وليس لدى تركيا أى دور مهم فى هذه القصة. ولعل صعود دور مصر فى ظل الرئيس عبدالفتاح السيسى، الأكثر درامية فى الموضوع. حيث ترسل مصر، وهى دولة رائدة فى الحملة، سفنها الحربية إلى المنطقة. ويعتبر المتفرج الداعم لعملية بقيادة المملكة السعودية ومصر، هو الدور التركى الوحيد ضمن هذه القصة.
ويعتبر باجيك أن الفشل فى السياسة الخارجية أصبح من الأحداث الروتينية العادية فى السياسة. حيث يمكن أن تتسبب العديد من الأحداث فى فشل الدبلوماسية. غير أن الأسباب الرئيسية للإخفاق الحالى فى السياسة الخارجية التركية أخطاء بالغة الحدة من القادة الأتراك. وقد انتقد الإسلاميون فى تركيا منذ فترة طويلة عدم فهم النخب الكمالية مجتمعات الشرق الأوسط. ومن المفارقات أن السياسة الخارجية الكمالية، لم تضع أبدا تركيا فى مثل هذا الموقف المعزول. غير أن المشكلات التى خلقها الإسلاميون فى السياسة الخارجية التركية فاضحة، حتى بالمقارنة مع مشكلات الفترة الكمالية سابقا.
بل إن هناك ماهو أسوأ؛ فعلى الرغم من أخطاء الإسلاميين الأتراك التى لا نهاية لها، ما زالوا يعتقدون أن تصرفاتهم مثالية. الأمر الذى يشير إلى أنه ليس هناك أمل، فمن المرجح أن يستمروا فى أجندتهم الإسلامية. وهم يظنون أنه من الممكن إرضاء الغرب ببضعة ألاعيب دبلوماسية بسيطة. ويعتقد باجيك أن تركيا تحتاج إلى الاستثمار الأجنبى فى اقتصادها، بينما يلعن ساستها الدول الأجنبية كل يوم. وأغلب الظن أن الإسلاميين الأتراك يعتقدون أن الساسة الغربيين ذوى تفكير ضحل لن يفهموا مغزى تحركاتهم البراجماتية.
ولاشك أن أى شخص لديه معرفة قليلة بالسياسة الدولية، لن يتحمل الاستماع إلى الساسة الذين يقودون السياسة الخارجية التركية. فهل يعيشون فى الأحلام؟ أم أنهم يائسون؟
•••
وفى الختام يوضح باجيك أن إقرار الرئيس أردوغان بأهمية إيران مؤشر رئيسى لأزمة السياسة الخارجية التركية. فالآن، تعترف تركيا، التى كانت يوما ما الزعيم الإقليمى، بهيمنة إيران على المنطقة. ولاشك أن هذا الاعتراف يلقى وقعا طيبا فى نفوس الإيرانيين. لذلك حان الوقت للتركيز على كيفية تلقى إيران لهذه الاعترافات. وبدلا من إضاعة الوقت فى الحديث عن الأخطاء التركية، على طلاب السياسة الدولية متابعة ديناميات السياسة الخارجية الإيرانية.