الصدام المقبل فى «السوشيال ميديا»
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الأحد 15 مايو 2016 - 11:10 م
بتوقيت القاهرة
تستطيع الحكومة المصرية وأجهزتها ضمان ولاء وسائل الإعلام القومية، لأسباب متعددة. تستطيع أيضا التفاهم مع وسائل الإعلام الخاصة بطرق متنوعة تضمن عدم حدوث صدام كبير بين الجانبين. لكن كيف ستتعامل الحكومة مع وسائل التواصل الاجتماعى أو السوشيال ميديا؟!.
أغلب الظن أن المعركة الحقيقية المقبلة ستكون بين هذين الطرفين الحكومة والنشطاء الإلكترونيين، وربما تكون هذه المعركة قد بدأت فعلا.
من متابعة التطورات فى المشهد المصرى خلال الأيام الماضية يتضح أن الحكومة كسبت الجولة الأولى من معركة كسر العظم مع وسائل الإعلام التقليدية سواء كانت حكومية أو خاصة، ومعها ايضا نقابة الصحفيين، وقد تبين بما لا يدع مجالا للشك أن الكروت التى تملكها الحكومة وأجهزتها فى هذا الصدد كثيرة ومتنوعة، ولا يزال فى جعبتها الكثير الذى لم تشهره بعد.
لكن نسأل مرة أخرى، ماذا ستفعل الحكومة مع رواد مواقع التواصل الاجتماعى وخصوصا النشطاء وما يكتبونه، أو يبثونه من رسوم أو أغانٍ أو فيديوهات أو أى أشكال تعبيرية أخرى؟.
نتذكر أن النيابة العامة حظرت النشر فى شهادات كبار قادة الدولة أثناء محاكمة حسنى مبارك بتهمة قتل المتظاهرين فى عام ٢٠١١ و٢٠١٢، فى هذه الأيام التزمت وسائل الإعلام التقليدية بحظر النشر، لكن معظمنا كان يقرأ هذه الشهادات عقب نهاية الجلسة بساعة أو ساعتين.
الآن أيضا كل ما تعتقد الحكومة أنه ممنوع يتم نشره وبثه على مواقع التواصل.
لا تخفى الحكومة أن هذا الأمر صار صداعا كبيرا فى رأسها، وبالتالى بدأنا نسمع عن مطالبات كثيرة وصلت إلى ان أعضاء فى مجلس النواب تقدموا بطلبات غريبة تبدأ من دخول مواقع التواصل بالرقم القومى، وتنتهى بحظر هذه المواقع بالكامل على غرار ما فعلت كوريا الشمالية!!!.
من السياق الذى نراه، والهمسات التى نسمعها فإن المعركة بين الطرفين تدخل فى مراحلها الحرجة. لدينا الآن قضية فرقة «أطفال الشوارع» الغنائية الساخرة، التى تم القبض على بعض اعضائها بتهمة التحريض على مؤسسات الدولة والسخرية من قياداتها، هؤلاء المقبوض عليهم كانوا يضعون أغانيهم على مواقع التواصل.
نتذكر أيضا أن كل التهم الموجهة لعمرو بدر ومحمود السقا ومالك عدلى وقعت فى الفضاء الإلكترونى. وهو الأمر الذى يدعونا للقول إن المعركة قد بدأت فعلا، وربما تتوسع فى المستقبل.
قد تتمكن الحكومة من السيطرة على نشطاء الداخل عبر تهديدهم بالاجراءات القانونية أو التضييق عليهم بوسائل مختلفة، لكنها ماذا ستفعل مع نشطاء مصريين وأجانب قرروا أن يواصلوا انتقاداتهم من الخارج؟!!.
بناء على ما سبق فقد نشهد صدور تشريعات تغلظ العقوبات على جرائم النشر فى المواقع الإلكترونية، والدعوات إلى ذلك فى البرلمان كثيرة ومتنوعة، أما إذا كنا غير محظوظين فقد يصل الأمر إلى اتخاذ إجراءات عنيفة تجعلنا «فرجة بين الأمم».
لو جاز لنا تقديم النصح، فإن أكبر خطأ ترتكبه الحكومة المصرية وأجهزتها هو أن تظهر مصر وكأنها كوريا الشمالية أو الصين، التى ترتعد وترتعب من مجرد رسمة فى صفحة إلكترونية، أو أغنية ساخرة لفرقة لم يكن يعلمها أحد، أو «بوست» كتبه ناشط.
على الحكومة أن تحاسب أى شخص سواء كان فى الحياة العامة أو الفضاء الإلكترونى طالما أنه خالف القانون.
لكن كل تضييق من الحكومة على المجال العام، يعنى أننا نخلق مجتمعا موازيا فى كل شىء وسوف نتفاجأ به ذات لحظة فى يوم لن ينفع الندم.