انتبهوا.. لقد بدأ ضم الضفة
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الجمعة 15 أغسطس 2025 - 8:35 م
بتوقيت القاهرة
منذ احتلال إسرائيل للضفة الغربية لنهر الأردن عقب حرب ٥ يونيو ١٩٦٧، وهى تنشئ وتقيم مستوطنات فيها. لكن المشروع الذى أعلنه بتسلئيل سموتريتش وزير المالية ورئيس حزب «الصهيونية الدينية» المتطرف الأسبوع الماضى هو الأخطر على الإطلاق، لأنه عمليًا يفصل رام الله عن بيت لحم، فى الشمال عن الجنوب، ويفصل القدس عن بقية الضفة، وبالتالى يقتل عمليًا فكرة الدولة الفلسطينية على أرض الواقع، أكثر مما هى متعثرة منذ عقود.
مساء الأربعاء الماضى صادق سموتريتش على بناء ٣٤٠١ وحدة سكنية ضمن المخطط الاستيطانى فى منطقة E1 شرقى القدس بعد أكثر من عشرين عامًا من تجميد هذا المشروع بسبب الضغوط الخارجية، والمعروف أنه منذ عام ٢٠٠٩ حتى عام ٢٠٢٠ فقد أعلنت إسرائيل مصادرات لأراضٍ وتصميمات وبناء طرق فى إطار هذا المشروع، لكن كان يتم تجميده فى كل مرة، بسبب الضغوط الدولية التى كانت تدرك خطورة هذا المشروع على أى تسوية مستقبلية.
المشروع مطروح منذ عام ١٩٩٠ واستؤنف فى عهد رئيس الوزراء ووزير الإسكان الأسبق آرئيل شارون بمحاولة لبناء ٢٥٠٠ وحدة، ثم توسعت عام ٢٠٠٤ لبناء أربعة آلاف وحدة.
سموتريتش اعتبر المصادقة إنجازًا تاريخيًا، لأنه يربط القدس بمستوطنة معاليه أدوميم، التى يعيش فيها ٣٨ ألف نسمة، وستزيد مساحتها بنسبة ٣٣٪.
المشروع الاستيطانى الجديد يفصل التواصل العربى بين رام الله وبيت لحم، ويدفن فكرة الدولة الفلسطينية على حد كلام سموتريتش، ويحظى بدعم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.
المشروع يدخل مليون مستوطن جديدًا إلى الضفة. لكن على حساب من سيعيش المليون مستوطن؟
فى تحقيق لموقع بى بى سى البريطانى فإن أبوعماد الجهالين، رئيس المجلس القروى لعرب الجهالين، فى الضفة، يقول: المشروع يندرج تحت المسمى الإسرائيلى «نسيج الحياة»، وهو بالنسبة لنا «نسيج الممات»، فهو ظاهريًا يمكن الفلسطينيين من التنقل بين شمال وجنوب الضفة دون المرور بالحواجز الإسرائيلية، لكنه عمليًا يمنعهم من دخول الشارع الرئيسى رقم ١ الذى يربط بين جنوب ووسط وشمال الضفة.
سلطات الاحتلال أصدرت فى الفترات الأخيرة ٤٠ أمر هدم وإخلاء لمنشآت سكنية وزراعية فى منطقة العيزرية والهدف عزل القدس عن الضفة وقطع الاتصال الجغرافى بينهما، وهذا الطريق والمستوطنة الجديدة ستكون على حساب المنازل والمزارع الفلسطينية فى مناطق مصنفة ب وج، ما يعنى تشريد وفقدان أراضٍ واسعة.
هذا الطريق ضمن هذا المشروع سيعزل ٢٢ تجمعًا فلسطينيًا، ويمتد من محيط مستوطنة معاليه أدوميم حتى البحر الميت وهى خطورة تمهد لتهجير السكان قسرًا من خلال حرمانهم من الوصول إلى المستشفيات والمدارس والمرافق العامة فى القرى المجاورة.
الكثير من الناس تنسى أن سموتريتش كتب دراسة خطيرة عام ٢٠١٧ سماها «خطة الحسم» وجوهرها أن أمام الفلسطينيين فى الأرض الواقعة بين البحر المتوسط والبحر الميت أى فلسطين التاريخية ثلاثة خيارات لا رابع لها، وهى إما القبول بالعيش كمواطنين من الدرجة الثانية فى إسرائيل الكبرى أو الترحيل للخارج أو القتل لمن يرفض الخيارين الأول والثانى.
وما يحدث عمليًا منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ هو تنفيذ هذه الخطة على أرض الواقع، مع تطور مهم، وهو تدمير قطاع غزة بصورة شبه كاملة، بحيث إنه غير صالح للحياة الآن لفترة طويلة.
بعض الدول العربية أصدرت بيانات إدانة وشجب واستنكار للمشروع الاستيطانى الجديد، وهى بيانات لا قيمة لها بالمرة لدى إسرائيل، لكن الذين يصدرون بيانات الإدانة لا يدركون أن إسرائيل بدأت عمليًا ضم الضفة الغربية وطرد سكانها من بيوتهم ومزارعهم وأراضيهم. وخطورة ما يحدث أنه إذا استمرت ردود الفعل العربية والدولية بهذه الوتيرة، اللفظية فليس من المستبعد أن يكتمل تطبيق خطة الحسم خلال شهور وليس سنوات، وليس من المستبعد أن تلجأ إسرائيل لطرد الفلسطينيين بالقوة أو هدم المسجد الأقصى، أو حتى تنفيذ خطة إسرائيل الكبرى التى تحدث عنها نتنياهو الأسبوع الماضى.