طعم الأمل
خولة مطر
آخر تحديث:
الإثنين 15 ديسمبر 2014 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
تكثر الأسئلة مع اقتراب خواتمها وتتنوع فى انماط مختلفة بعضها مباشر فج والآخر يتوارى فى خجل.. كل يبحث عن اقتناص اللحظة الأخيرة ليبدأ العد وأمانى بعام أكثر إشراقا وأقل تعبا وحزنا.. تطاردك الأسئلة عبر كل وسائل الاتصال والتواصل.. تهرب منها بالطرق المباشرة وتبتعد عن الاجابات التى لا تعرفها أصلا، فما يلبث أن يرن جرس هاتفك الذكى جدا إلا فى مثل هذه الحظات لو كان ذكيا كنت تقول لقام بمسح كل هذه الاسئلة القادمة «ماذا تفعل فى ليلة نهاية السنة؟» تحاول أن تكون لبقا بعض الشيء أو أكثر فجاجة.. تعتصر ذاكرتك المتلاشية تدريجيا لتتذكر كيف كانت تلك الليلة فى السنة الماضية فتتذكر أنك قضيتها وحيدا تتابع نشرات الاخبار حول المستجدات فى الوطن أو الاوطان البعيدة وبينها يأتيك صراخ العد التنازلى لمجموعات من البشر فى أقصى الشرق... تزحف عقارب الساعة حتى يصل منتصف الليل أو نهاية العام وانت لا تزال تتابع وتتساءل ما هو الأمر الممتع فى النهايات أو الخواتم.. وتدرك أنهم يحتفلون متصورين أن القادم أفضل.. تبقى عند تلك اللحظة ولكن فى السنوات التى سبقتها حتى تستطيع الإجابة عن الاسئلة التى ازدحم بها هاتفك ورأسك أيضا، فيما انت منغمس فى عوالم أخرى بعيدة جدا.. تحك رأسك وتعصر دماغك مرارا لا بد أنه فى السنة التى قبلها كان نهاية العام مختلف.. لا بد حتما؟ تعود لتدرك أنها مشابهة للتى تلتها، فيما الفرق أنك كنت فى مدينة أخرى قد تكون أكثر دفئا.
•••
كلما زحفت إلى الخلف در بحثا عن إجابة للأسئلة اللا منتهية على هاتفك وبين الجموع لا إجابات شافية، فلا تعرف كيف وأين ستكون فى تلك الليلة الأخيرة، وماذا سيكون عشاؤك الأخير قبل أن تنقشع هى بكل اتراحها واحزانها وكثيرا من شقائها متصورا أن القادمة حتما ستكون أفضل.. تتذكر كيف أن كثيرين من اصحابك عادوا للغيبيات والفلك تلك الكتب التى اصبحت الأكثر مبيعا فى عالمنا المتدحرج تدريجيا نحو الهاوية.. عالمنا العائد للعلاج ببول البعير وقراءة المستقبل فى عقر فنجان القهوة!! وتتذكر أنهم قد حرموا الاحتفال بنهاية العام لأنه بدعة والبدعة ضلالة وهى من فعل الشيطان حتما ذاك الذى يرافق أى أمر به بعضا من الانفتاح والفرح وكأن دينهم منع الفرح والموسيقى والغناء وربما تغريد البلابل؟
•••
تتذكر أنه قبل حملاتهم التفكيرية وانغلاق أدمغتهم كانت إعلانات حفلات رأس السنة تملا صفحات الجرائد ووسائل الإعلان المختلفة.. حتى فى الشوارع كانت هناك يافطات ضخمة بصور لراقصات ومغنين وموسيقيين قادمين من زوايا الارض للاحتفال معك فى مدن الملح ذاتها تلك التى تغلفت اليوم بسواد النظر والبصيرة إلا للنخبة التى يحلل لها ما يحرم على العامة ومن قبل نفس رجال الدين حاملين الصكوك المبيتة المكتوبة على مقاس الحاكم وحاشيته!!!
•••
كان صخب الليل لا يتوقف مع خروج الشمس من بيتها وهى تتثائب مستغربة كل هذا الكم من الحيوية والنشاط للسهارى المحتفلين بنهاية يوم آخر أو عام آخر الطامعين والمتطلعين للقادم ببعض من الأمل وكثيرا من الشك.. لم يكن هناك تعارض بين هؤلاء وأولئك الخارجين فى ساعات الصباح الأولى للصلاة فكل بشأنه وكل على دينه وكل له رب يحاسبه وليس من نصبوا أنفسهم وكلاء للرب على الارض!!!
لا يزال هناك بضعة ايام والرسائل تزدحم فى انتظار الاجابات المتعبة. شيء ما تغير فينا.. شىء ما لم يعد كما كان، فلا أصبح للخواتم بهجة ولا للبدايات طعم الأمل.