هل انقلب السحر على الساحر؟
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
السبت 16 يناير 2010 - 9:26 ص
بتوقيت القاهرة
هل انقلب السحر على الساحر؟ السؤال بعبارة أخرى: هل بدأ الجزء الأكبر الصامت من المسيحيين يخرج عن طوع الحكومة، بل ويهتف ضدها؟! منذ سنوات طويلة وهناك اتفاق غير مكتوب بين الطرفين مفاده تأييد الكنيسة الرسمية للحكومة فى كل ما تفعله من إقامة شبكات المجارى وحتى تأييد توريث جمال مبارك إذا فكر فى الترشح للرئاسة، وفى المقابل تلتزم الحكومة بتنفيذ الحد الأدنى من حقوق المسيحيين وتنصيب البابا شنودة متحدثا أوحد لكل ما يتعلق بالمسيحيين دينا وسياسة.
الحكومة فى علاقتها بالمسيحيين كمن يمشى على الأشواك، هى لا تريد خسارتهم، لكنها لا تستطيع تحقيق كل مطالبهم، والسبب أن قوى ظلامية ومتطرفة فى الجانب الإسلامى تتهم الحكومة بأنها «خرجت عن الصراط المستقيم»، فتضطر الحكومة أحيانا لمغازلة هذه القوى، والجمهور الآخذ فى الاتساع المؤيد لهذه الأطروحات شديدة التزمت، وفى الغالب فإن نتيجة العلاقة غير الشرعية هذه هى مزيد من الضغط على المسيحيين. فى مرات كثيرة من الاحتقانات الطائفية كان يبدو أن الحكومة هى الرابح الأكبر عمليا.. لأن الناس تنشغل وتتورط فى صراعات طائفية عبثية وتنسى همومها الرئيسية، والأهم تنسى من هو المتسبب الرئيسى فى كل عذاباتها.
إذا صح هذا التصور فإن الحكومة تكون قد نجحت على المدى القصير فى إلهاء الناس. لكنه إلهاء أشبه بمن يعطى مجموعة من الأطفال قنابل كى يمارسوا بها الرياضة.
سياسة «تلبيس الطواقى» التى اتبعتها الحكومة كثيرا منذ بداية السبعينيات عندما أخرجت الإخوان من السجون لمواجهة الناصريين لم تعد تجدى كثيرا. هى جربت فى السنوات الأخيرة محاولة استخدام اليساريين لضرب الإسلاميين، أو استخدام الجماعات الإسلامية لضرب الإخوان، أو استخدام أجهزة الأمن لضرب الجميع.. لكن مشكلة هذه اللعبة أن عمرها الافتراضى أصبح قصيرا جدا، والسبب أن وعى الناس قد ارتفع كثيرا بفضل وسائل الإعلام وثورة الاتصالات.
الآن وعندما يخرج أكثر من خمسة آلاف قبطى للتظاهر ويهتفون بوضوح ضد رئيس الجمهورية ويلوحون بعدم التصويت للحكومة والرئيس فى الانتخابات المقبلة فنحن أمام متغير جديد.
ما حدث ليلة الأربعاء الماضية فى شارع رمسيس أمام وداخل الكاتدرائية الرئيسية بالعباسية، هو تطور نوعى شديد الدلالة ويستحق التأنى فى دراسته.
بالطبع هناك تمنيات لكثيرين أن يخرج المسيحيون من صومعتهم المنعزلة، وينخرطوا فى المجتمع، ويجادلوا ويتظاهروا ويشاركوا كمصريين وليس كطائفة دينية، لو حدث ذلك لحصلوا على كل حقوقهم وربما ساهموا فى إعادة حقوق إخوانهم المسلمين عامة وليس جماعة الإخوان بالطبع.
إذا حدث هذا السيناريو المثالى فربما نكتشف وقتها أن حادث نجع حمادى ورغم كل بشاعته قد ساهم فى فتح طاقة أمل، أما إذا تعامل الإخوة الأقباط مع الملف باعتباره طائفيا فإن أبواب جهنم تكون قد انفتحت فعلا.. ترى أى باب قد فتح؟