تمهيد التربة .. واجب الرئيس القادم
نادر بكار
آخر تحديث:
الجمعة 16 مايو 2014 - 6:40 ص
بتوقيت القاهرة
المشكلات الاقتصادية الطاحنة التى نقاسيها «اليوم» كانت مجرد تهديدات تلوح فى أفق «الأمس» إمَّا أنها لم تُؤخذ على محمل الجد أو لم يُلتفت إلى إيجاد حلول لها أو لم يستشعر وجودها أحد من الأساس؛ فلا يمكن للعقلاء الجزم بأن اقتصاد مصر تدهور على هذا النحو فى غضون ثلاث سنوات ٍفقط أعقبت ثورة يناير.. وقس الأمر نفسه على مشكلات الطاقة والتعليم والمشكلات الاجتماعية والسياسية وغيرها.
والحقيقة أن التربة الاقتصادية المصرية قد زحف إليها التصحر وجُرفت على مدار سنين وما أفلحت معها المعالجة العشوائية التى جرت فى أعقاب الثورة بل رُبما ساعدت فى مزيد من التجريف دون أن تقصد من كثرة التجارب غير المكتملة والجهود المتضاربة التى لا ينظم عملها خطة استراتيجية موحدة.
والتربة السياسية كانت عاقرا بدورها؛ فلقد عانت التجريف حتى ما عادت تُنبت إلا قادة مبلغهم من العمل الصياح بالشعارات الرنانة ومنافسة الأقران فى علو الصوت والتشغيب على الخصوم بالحق والباطل والمراوحة بين تهويل وتهوين دون القدرة على الاضطلاع بقيادة عمل عام تنضج فيه خبراتهم وتتراكم؛ ومن ثم تتعدد اختيارات القاعدة الجماهيرية فى من يمثلها سواء أكان نائبا برلمانيا أو رئيسا للبلاد.
الرئيس القادم ينبغى أن يعى بينه وبين نفسه أولا، ثم يصارح شعبه ثانيا بحتمية العمل على إعادة تمهيد وتهيئة ما تجرف من التربة الاقتصادية والسياسية؛ وهذا لن يكون أبدا بالحديث فقط عن الحلول الآنية لأعراض المشكلات دون البحث عن جذورها ومسبباتها، وإلا ستعانى الأجيال القادمة من أضعاف أضعاف ما نواجه وسيبدو وقتها الحديث عن الحل ضربا من الخيال.. أربع سنوات ٍمن العمل الدءوب المتواصل كافية «للبدء» فى تهيئة ما تجرف، مع التأكيد على أن الثمار ستجنى بعد عشر سنين على أقل تقدير من بدء العمل.
تهيئة المناخ لحياة حزبية صحية فى مصر بالتوسع فى نشاط تدريب وتهيئة الكوادر الحزبية من مختلف الاتجاهات على أساسيات العمل البرلمانى؛ وتفعيل بروتوكولات التعاون مع برلمانات العالم المختلفة، واستصدار قوانين الانتخابات التى تقوى ساعد الأحزاب السياسية، ورسم إطار لترشيد الممارسة السياسية يشمل حملات التوعية والتثقيف السياسى للجماهير.. وغير ذلك من الآليات ينبغى أن توضع فى الحسبان إذا ما كنا جادين فى توجه الإصلاح.
إعادة هيكلة البناء الاقتصادى المصرى لتزداد مساحة القطاع الانتاجى فيه على الخدمى، والبدء فى تطوير منظومة التعليم الأساسى والفنى ليقترب من تلبية متطلبات السوقين المحلية والعالمية وتهيئة مناخ مناسب لنمو الاستثمار فى المشاريع الصغيرة والمتوسطة دون معوقات، مع وضع خطة لإعادة هيكلة القطاع الحكومى للقضاء على البطالة المقنعة وإعادة تدوير العناصر غير الفعالة.. كلها آليات نحتاج أن نسمعها من المرشحين الرئاسيين إن كانت قضية تهيئة وتمهيد التربة تلقى اهتمامهما.