جيش شبه فيدرالى فى سوريا.. استر يا رب!!

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: السبت 16 أغسطس 2025 - 7:10 م بتوقيت القاهرة

يجرى التحضير الآن لتكوين «جيش شبه فيدرالى عدده ١٥٠ ألف عنصر فى سوريا بأكثرية سنية ومهمته الأساسية فض أى صراع داخلى حتى لو كان أحد أطرافه قوات حكومية محسوبة على السلطة الحالية».
‎الكلام السابق أعلنه يوم الجمعة الماضى أنس الشيخ المعروف باسم «أبو أنس الشامى، الذى يشغل مهمة القائد العام للجهاز السورى لمكافحة الإرهاب. وتتجه النية إلى أن يكون الشيخ أو الشامى هو القائد العام لهذا الجيش الجديد.
‎حينما قرأت هذا الخبر على موقع "إرم" حاولت الوصول إلى أية معلومات محددة عن الهدف من تشكيل جيش جديد، فى ظل وجود جيش تم تكوينه فى يناير الماضى فقط، وفى ظل وجود وزارة داخلية وشرطة محلية، لكن للأسف لم أصل إلى معلومات واضحة، ولذلك زادت هواجسى.
‎وإلى أن تتضح المعلومات والحقائق والأهداف الكاملة من وراء تشكيل هذا الجيش، فلابد من إثارة العديد من الأسئلة المتعلقة به، حتى لا نتفاجأ بأن سوريا تكرر مأساة الميليشيات والجيوش الطائفية والجهوية التى تسببت وما تزال فى كوارث فى العديد من البلدان العربية مثل العراق واليمن ولبنان وليبيا بل وسوريا نفسها.
‎قبل طرح الأسئلة نذكر أن سوريا كان يحكمها نظام بشار الأسد حتى سقوطه فى ٨ ديسمبر الماضى، على يد ميليشيات متنوعة تقودها «هيئة تحرير الشام» وهى تجمع العديد من المكونات الدينية، خصوصا ذات الصبغة الإخوانية، وبدأت بالأساس كأحد فروع «القاعدة»، وكانت وما تزال تحظى بدعم كامل من تركيا، ثم دعم أمريكى بريطانى، اتضح باستقبال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لأحمد الشرع أو أبو محمد الجولانى فى شهر منتصف مايو الماضى فى الرياض.
‎حينما وصلت السلطة الجديدة للحكم فإن أحد أخطر قراراتها كان حل الجيش السورى فى ٢٩ يناير الماضى وكذلك كل الأجهزة الأمنية وإلغاء التجنيد الإجبارى، وبدء تشكيل جيش جديد بحجم يصل إلى ٣٠٠ ألف مقاتل على مرحلتين، تستهدف المرحلة الأولى ٨٠ ألف مقاتل، وتكون هذا الجيش عمليا من إعادة دمج مقاتلى كل الميليشيات التى حاربت نظام الأسد وظلت لبعض هذه الفصائل والميليشيات هوياتها التنظيمية والتسليحية المستقلة فى الجنوب وشمال شرقى البلاد، أى فى مواجهة الدروز والأكراد.
‎وكان الملفت للنظر والخطير أن الجيش الجديد الذى ترأسه وزير الدفاع مرهف أبو قصرة أو «أبو حسن الحموى» ضم فى صفوف قادته العديد من المقاتلين الأجانب.
‎وحينما وقعت الاشتباكات ضد العلويين فى الساحل السورى أو ضد الدروز فى السويداء فى الشهور الأخيرة، تم توجيه العديد من الاتهامات لعناصر القوات الأمنية الحكومية بالتصرف على أسس فصائلية وطائفية. بل وارتكابه جرائم حرب.
‎ونعلم جميعا أن إسرائيل التى لعبت دورا رئيسيا فى استنزاف نظام الأسد، وساهمت فى إسقاطه، واصلت توجيه ضربات نوعية لكل القدرات العسكرية السورية، واحتلت المزيد من الأراضى السورية فى الجولان وجبل الشيخ، ثم أعلنت أنها لن تسمح بأى تواجد عسكرى سورى ثقيل خارج دمشق، بل وصارت قواتها على بعد أقل من عشرين كيلومترا من ريف دمشق.
‎نعود للسؤال الجوهرى: إذا كان هناك جيش تكوينه الأساسى من الميليشيات والفصائل التى حاربت وأسقطت نظام الأسد، فما الداعى لوجود جيش جديد آخر. ولمن سيكون ولاؤه، وكيف يعقل أن يتدخل الجيش الجديد ضد الجيش الموجود، وحتى ضد قوات الأمن الداخلى، وما هو دور أمريكا وكيف يقال إنها وافقت على إنشاء هذا الجيش؟!
‎وإذا كانت مهمة الجيش الجديد فض المنازعات بين القوى المتصارعة، فما هو دور أجهزة الأمن الحالية، وماذا إذا حدث صراع داخلى كما رأينا فى الحالة العراقية واليمنية واللبنانية والليبية، وكيف يقال إن غالبية الجيش الجديد ستكون سنية، وأين كل ما سمعناه من شعارات عن ضرورة تشكيل جيش وطنى على أساس المواطنة وليس على أساس الطائفة، والعرق.
‎كل ما سبق أسئلة فى غاية الخطورة، نتمنى أن تكون كلها مجرد شكوك وهواجس بلا أساس، لأن دخول سوريا مرة أخرى فى لعبة الميليشيات بجوار الجيش الحالى - وهو مكون أساسا من ميليشيات طائفية - يعنى أن هذا السلوك لن تستفيد منه سوى رؤية نتنياهو لخريطة إسرائيل الكبرى وأن سوريا ستظل غارقة فى الصراعات الطائفية والدينية والعرقية وهو مرض سيهدد المنطقة بأكملها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved