سكرتيرة حسناء أو بائعة حسنة المظهر

عماد الغزالي
عماد الغزالي

آخر تحديث: الإثنين 17 مايو 2010 - 9:54 ص بتوقيت القاهرة

 أخيرا سيكون بوسع المصرى أن يتحول من أجير إلى كفيل، وستتاح له الفرصة كى يستقدم عمالة من دول العالم، يعوّض بها نقص الكفاءة بين خريجى الجامعات والمعاهد المصرية.

ليست دعابة سخيفة، لكن هذا ما بشرنا به وزير التنمية الإدارية فى إحدى الندوات مؤخرا،حين قال إن مستوى الخريجين لا يؤهلهم لسوق العمل، وأنه لا صلة بين أعداد الخريجين من جميع التخصصات وحاجات هذه السوق، ومن ثم فقد يلجأ العديد من المؤسسات لاستيراد العمالة.

تخيلوا مصر ذات الثمانين مليون نسمة والأربعة ملايين عاطل، والخمسمائة ألف خريج جامعى سنويا، ومثلهم من خريجى مدارس الحرف والصنائع، وعشرات الألوف من حملة الماجستير والدكتوراه، تعانى نقصا فى العمالة.

كلام الوزير صحيح، لكنه أجدر بالأهالى لا الحكومة، فالحكومة هى التى تحدد أعداد المقبولين فى الكليات، وهى التى تضع خطط التعليم، وهى التى تسن القوانين المنظمة للعمل والاستثمار، وحين يبدى الوزير استياءه من سياسات القبول بالجامعات، التى تخرج سنويا آلافا من الأطباء والمهندسين والمحاسبين العاطلين، فإنه يمارس نقدا ذاتيا نشكره عليه،لكننا لا نتوقع منه أن يردد ما نعرفه أو أن يشير بأصابع الاتهام إلينا مستنكرا أفكارنا البالية، التى ما زالت تنظر إلى كليات الهندسة والطب باعتبارها كليات قمة كما قال، نحن نتوقع منه ومن حكومته أن يقدموا حلولا للمشكلات لا توصيفا لها، ونسأله بالمناسبة: إذا كانت أعداد الخريجين تزيد عن حاجة سوق العمل، وإذا كان الخريجون على هذا الحال من الضعف والتردى ــ وهم كذلك بالفعل ــ فلماذا تتوسع حكومته فى قبول ملتحقين جدد بالجامعات المفتوحة، وهى بدعة زادت أعداد العاطلين، وهبطت بمستوى الجامعيين إلى الحضيض، ولم يستفد منها سوى القائمين على هذه الجامعات من أطقم هيئة التدريس والإداريين.

من الذى رسم مصير مئات الألوف من خريجى الجامعة انتهى الحال ببعضهم وليمة للأسماك فى عرض البحر، وبآخرين عمال دليفرى بالمطاعم أو مندوبى مبيعات يطاردون الناس فى الشوارع كى يبيعوا لهم مفكات وأمواس حلاقة؟

من المسئول عن انهيار أحلام هذه القلوب البضة على بساطتها ومشروعيتها، من المسئول عن تأخر سن الزواج وارتفاع نسب العنوسة، من المسئول عن زيادة معدلات الجريمة والإنحراف والتطرف.. هل هى سياسات الحكومة أم أفكارنا البالية عن كليات القمة؟

أخيرا يا دكتور درويش، وبصفتك وزيرا للتنمية الإدارية: لماذا تراجعت طلبات الوظائف إلى حد العدم، فلم يبق سوى هذه اللافتة: مطلوب سكرتيرة حسناء أو بائعة حسنة المظهر.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved