على إسرائيل السيطرة على منطقة الحدود
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الخميس 17 يوليه 2014 - 8:17 ص
بتوقيت القاهرة
على عكس تقديرات الخبراء وبينهم كاتب هذه السطور، فإن «حماس» هى التى دفعت نحو التصعيد الحالى، وهى تبدو منساقة نحو تأجيج النيران كأن ليس لديها ما تخسره من استمرار المواجهة مع إسرائيل. لقد كان الافتراض فى إسرائيل قبل عملية «جرف الصخر الصامد» أن «حماس» ترغب فى التهدئة وتوطيد سيطرتها على القطاع، وأنه فى ظل ضعف مكانتها فى العالم العربى والخلاف مع مصر بزعامة عبدالفتاح السيسى، سيكون قادة الحركة أكثر حذرا فى سلوكهم تجاه إسرائيل.
لكن أثبتت «حماس» أنه فى رأى قادتها، ليس هناك ما يخسرونه، وهى مثل لاعب بوكر خبير تحاول أن ترفع الرهان مفترضة أن الطرف الثانى هو الذى سيتنازل خوفا من الخسارة.
فى تقدير «حماس» أن إسرائيل ليست معنية فعلا بالعودة للسيطرة على غزة، ولذلك ستمتنع عن القيام بعملية برية تتطلب وجود قواتها فى المناطق المكتظة سكانيا (بعكس عملية فى منطقة خالية من السكان مثلما جرى خلال عملية رصاص مسبوك سنة 2009). وليس لـ«حماس» ما تخسره، لأن القطاع فى حال انهيار وسكانه يعيشون على الدوام على حافة الضائقة والحرمان.
إن استراتيجية «حماس» فى صراعها الحالى مثل صراعاتها السابقة مع إسرائيل، واضحة وبسيطة للغاية، وهدفها الصمود فى وجه العملية العسكرية وامتصاص الضربات، وأن تستطيع رفع رأسها من جديد عندما تنتهى العملية وينقشع الغبار. فالصمود هو انتصار بالنسبة لـ«حماس» على الصعيد الدعائى. ففى نهاية الأمر من سيتذكر فى نهاية المواجهة الحالية عدد الأماكن الخفية ومواقع إطلاق الصواريخ التى دمرتها إسرائيل. لكن الجميع سيبقى يتذكر صليات الصواريخ التى أطلقت على تل أبيب، لأنها ستظل الأشد تأثيرا فى السباق على الوعى وعلى الذاكرة.
يشكل هذا الواقع تحديا حقيقيا لدولة مثل إسرائيل ولا سيما فى ظل صعوبة تعبئة الرأى العام لفترة طويلة، وصعوبة المحافظة على دعم تأييد الرأى العام الداخلى لحرب استنزاف. لهذا السبب حاولت إسرائيل قدر مستطاعها عدم التحرك فى غزة. لكن عليها منذ اللحظة التى بدأت فيها عملية «جرف الصخر الصامد»، أن تنتصر انتصارا واضحا يفهمه الرجل البسيط فى الشارع فى كل من تل أبيب وغزة، وليس الخبراء فى الموضوع فقط. وفى الواقع، لا مكان لمصطلح الانتصار هنا، ففى حرب كهذه تجرى حاليا فى مواجهة عدو مثل «حماس»، لا يوجد انتصار بالضربة القاضية، بل إنجاز يمنع المواجهة المقبلة.
من هنا يجب أن يتضمن هذا الإنجاز ثلاثة مكونات: الأول: توجيه ضربة حقيقية لقيادة «حماس» التى ليست حساسة لما يجرى مع مقاتليها والسكان الواقعين تحت سيطرتها، ربما لأنها تدرك حدود إسرائيل فى ما يتعلق بالعمل العسكرى فى منطقة مكتظة سكانيا. وزعماء «حماس» ليسوا انتحاريين، هم يرسلون رجالهم للانتحار فى حين يحافظون جيدا على أنفسهم. المكون الثانى: ضمان إسرائيل حرية عمل تسمح لها بمواصلة العمليات العسكرية ضد «حماس» ومقاتليها، وعدم الانجرار إلى وقف نار موقت تقوم خلاله الحركة بالتسلح من جديد. ثالثا: إغلاق معبر تهريب الصواريخ عبر الحدود بين مصر والقطاع.
إذا لم تستعد إسرائيل السيطرة على قطاع الحدود بصورة أكثر اتساعا وأمنا مما كان عليه الأمر فى محور فيلادلفى، فإن تسلح «حماس» من جديد والجولة المقبلة مسألة وقت.
إيال زيسر باحث فى معهد دايان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا - يسرائيل هَيوم نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية