الدائرى الإقليمى والإنجاز الأهم
طلعت إسماعيل
آخر تحديث:
الإثنين 17 سبتمبر 2018 - 9:30 م
بتوقيت القاهرة
أكثر من عام وأنا اتابع التقارير والأخبار التى تتحدث عن الطريق الإقليمى الذى افتتحه الرئيس السيسى أخيرا بطول 400 كيلومتر، ويربط الطرق الرئيسية لنحو 15 محافظة. أنا هنا لا أتحدث عن توفير المال الذى كان ينفق على زمن الرحلات التى تقطعها السيارات، وخاصة عربات النقل الثقيل فى استهلاك الوقود (يوفر نحو 800 مليون جنيه سنويا)، ولكن أيضا عن اختصار الزمن فى التنقل بين المحافظات المختلفة، وعبر شبكة طرق حديثة ذات مواصفات عالمية.
الطريق الدائرى الجديد نأمل أن يسهم بشكل كبير فى تقليل عدد الحوادث، ووقف نزيف الأسفلت الذى تتسبب فيه الطرق المتهالكة، وتلك التى أنشئت فى فترات سابقة ولم تحترم المواصفات الهندسية، فتحولت إلى مصايد للموت اليومى، ووضعت بلادنا ضمن البلدان الأعلى نسبة فى حوادث السير عالميا.
الطريق الإقليمى الذى بدأنا التفكير فى شق شرايينه فى 2002 تأخر تنفيذه لسنوات طوال، قبل أن تتحول حاراته إلى حقيقة على الأرض فى السنوات الخمس الأخيرة، وهو إنجاز لا بد أن نحيى القائمين عليه، سواء الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، أو وزارة النقل ممثلة فى هيئة الطرق والكبارى، فضلا عن كل مصرى ساهم بجهده وعرقه فى إقامة طريق بات الأطول إفريقيًا.
ربما لا يشعر سكان المحافظات التى لا يخترقها الطريق الإقليمى الجديد بالتأثير المباشر عليهم، غير أن قاطنى القاهرة والمحافظات المجاورة لابد أنهم لمسوا الفرق، وخاصة مستخدمى الطريق الدائرى القديم الذى يطوق العاصمة، خاصة مع تطبيق قرار منع سيارات النقل الثقيل من استخدامه طوال النهار وجزء كبير من الليل، فى خطوة تعطينا الأمل فى إمكانية علاج تصلب الشرايين الذى تعانى منه حركة المرور فى غالبية المدن الكبرى.
القرار الذى أصدره مجلس الوزراء، وطال انتظاره حقيقة، أشرفت على تنفيذه فرق الإدارة العامة للمرور، وطبق بحزم لافت، ومنع خلال الأيام الأخيرة جزءا كبير من حالة الفوضى التى كانت سيارات النقل الثقيل تتسبب فيها على الطريق الدائرى، وأفسح المجال أمام السيارات الخاصة، وعربات النقل التى لا تتجاوز حمولتها أربعة اطنان، للحركة بانسيابية أكبر، وقلل الوقت والضغط العصبى على مستخدمى هذا الطريق الحيوى.
طبعا لولا الطريق الإقليمى الجديد ما كان لقائدى مركبات النقل الثقيل أن يقتنعوا بهجر الدائرى حول القاهرة بسهولة، ورأينا فى فترات سابقة كيف تحدى بعض من هؤلاء قرارات حاولت التقليل من الكوارث التى يتسببون فيها خاصة من يعمل منهم على السيارات ذات المقطورة التى لم تعد غالبية بلدان العالم تعرفها، وجرى التخلص منها نظرة لخطورتها على الطرق.
بقى أن الطريق الدائرى حول القاهرة الذى تنفس الصعداء بمنع مرور النقل الثقيل عليه لمدة 18 ساعة يوميا، حان الوقت للنظر إليه بعين جديدة، فنرى يد الصيانة وقد امتدت إلى الأجزاء المتهالكة منه، وتلك التى تسبب النقل الثقيل فى إتلافها، والتصدى لرمى مخلفات الهدم والبناء عند مطالعه ومنازله وفى مناطق عدة منه، بينها على سبيل المثال الصاعد من المنصورية باتجاه المنيب، وأجزاء من الوصلة بين صفط اللبن والمريوطية.
الدائرى الإقليمى فرصة لإعادة الحسم والانضباط المرورى على الطريق الدائرى القديم الذى تحول مع الأيام من طريق سريع إلى ساحة لارتكاب كل الجرائم المرورية، من استخدام التكاتك له، مرورا بالمواقف العشوائية لسيارات الأجرة (فوق وصلة المريوطية، وعلى مقربة من وحدة مرور حدائق الأهرام)، وليس نهاية بالسير عكس الاتجاه فى بعض منازله، وانتشار المطالع والمنازل غير الرسمية التى نفذت فى جسم الطريق بمعرفة الأهالى.
باختصار حان الوقت لأن نرى الحزم الذى تعاملت به فرق المرور مع قرار منع سير النقل الثقيل على الطريق الدائرى، وقد انتقلت عدواه إلى طريقة التعامل مع كل مخالف، بما يعيد للدولة المزيد من الهيبة، ويصب فى تسهيل حياة الناس، وهذا هو الإنجاز الأهم.