ما بعد معركة الدستور
عماد الغزالي
آخر تحديث:
الإثنين 17 ديسمبر 2012 - 8:30 ص
بتوقيت القاهرة
ثق تماما.. سيسقط هذا الدستور المعيب، سيسقطه المصريون كما أسقطوا كل نواب الحزب الوطنى فى انتخابات مجلس الشعب السابقة دون حاجة لقانون العزل.
كتبت هذه الـ«تويتة» قبل يومين من بداية الاستفتاء، وأكررها اليوم قبل ساعات من إعلان نتيجة المرحلة الأولى رسميا، بصرف النظر عن مؤشرات تفوق نعم بفارق ضئيل عن لا، (موعد تسليم المقال هو الأحد صباحا).
وحتى إذا مر هذا الدستور المخزى بقوة الحشد القبلى والتغييب والتزوير، فإنه سيسقط عمليا، وسيكتب سقوطه بداية النهاية للرئيس وجماعته وأخواتها، لأن الدساتير تكتب لتحقق التوافق بين أبناء الوطن الواحد، على اختلاف دياناتهم وثقافاتهم ومواقعهم فى السلم الاجتماعى، وهو ما لم يحققه دستور الغريانى، وأرجوك لا تصدق أكاذيب «الرئاسة» عن التزامها بتعديل المواد المختلف عليها فى الدستور عقب تشكيل البرلمان الجديد، فهذا حق لا تملكه، كما أن إطلالة سريعة على كم الوعود التى أطلقها الرئيس خلال الشهور الستة الماضية، تكشف بوضوح أنه يمارس معنا «التقية» على طريقة الشيعة، فهو يظهر عكس ما يبطن، ويقول الشىء ويفعل نقيضه، ويواصل بدأب مخطط التمكين كما رسمه مرشده وشاطره.
المسألة كما بدت لنا بعد وصول مرسى للرئاسة، تتجاوز الجدل السياسى حول الدستور أو غيره مما يمكن الخلاف حوله من شئون الحكم والسياسة، إنها صراع حول الهوية، خناقة بين مسلمين وكفرة، بين أهل الحق وأهل الضلال، فرقة ناجية وفريق فى السعير، هذا ما يقوله المشايخ لأتباعهم،
فى المساجد والفضائيات وفى «المقطم»، والنتيجة.. ما شهدناه وتابعه العالم كله، من هجوم أهل الرئيس وعشيرته على متظاهرين سلميين أمام قصر الاتحادية، وحصارهم ـ «سحرة فرعون» ـ كما سماهم المرشد ـ فى مدينة الإنتاج الإعلامى، ولـ«رءوس المؤامرة الكبرى» ـ كما سماهم مرسى ـ فى المحكمة الدستورية العليا، واتهامهم للثوار بالعمالة والخيانة والشذوذ وتعاطى المخدرات.
إن كنت لا تدرى، فقد قسّمنا مرسى فعلا، وجعل الناس تتقاتل حتى فى بيوت الله، وإذا أكمل مدته الرئاسية ـ لا قدر الله ـ على هذا الحال، فإن مصر ستتفتت وستصبح أمصارا.
نحن أمام مخطط لتحويل مصر إلى إمارة إسلامية، ضمن مشروع وهمى للخلافة يقوده المرشد أو الشاطر أو أردوجان أو مشعل لا فرق، فمعنى الوطن لدى هؤلاء يختلف جذريا عما يعنيه لدينا، ورؤيتنا لنهضته وتقدمه واستقلاله، تغاير تماما رؤيتهم، فنحن لا نعتبر ـ ولا يمكن أن نعتبر ـ مسلمى الفلبين أقرب إلينا من أقباط مصر، كما أننا لا نرى ـ ولا يمكن أن نرى ـ بلدنا حلية فى تاج الخليفة، كما أننا لن نقول أبدا «طز فى مصر واللى فى مصر واللى جابوا مصر».
ثقوا تماما، سيسقط هذا كله، وسنبنى مصر كما نريدها: مدنية ديمقراطية حرة.. وإنسانية.