«القلعة» ومنحها الدراسية
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الإثنين 18 يونيو 2018 - 9:20 م
بتوقيت القاهرة
مساء الأحد قبل الماضى حضرت الاحتفال السنوى الثانى عشر لمؤسسة القلعة للمنح الدراسية، بإعلان الدفعة الجديدة المرشحة للحصول على بعثات دراسية فى أرقى الجامعات العالمية. أحرص سنويا على حضور هذا الاحتفال، لانه يؤكد أن هناك أملا فى تقدم ورقى هذا البلد، طالما أننا قادرون على ابتعاث طلابنا فى جامعات عالمية، وأنهم سيعودون بعد الحصول على شهاداتهم ليساهموا فى إصلاح الأوضاع المعوجة.
مؤسسة القلعة صارت تمثل أكبر برنامج ابتعاث فى القطاع الخاص. فى ١٢ عاما ابتعثت ١٨٤ طالبا للحصول على الماجستير والدكتوراه فى ٢٣ تخصصا فى ٦٠ جامعة عالمية مرموقة، ومن أكثر من ١٤ محافظة مصرية بنسبة متساوية بين الأولاد والبنات، كما قال الدكتور نبيل العربى رئيس مجلس الأمناء.
الاختيار يتم بمنتهى الشفافية والموضوعية، ويشترط قبول الطالب بإحدى الجامعات قبل طلب المنحة، ولا تشترط القلعة حدا أقصى للأموال، بل أحيانا تزيد القيمة، لكن المهم أن يعود الطالب لمصر عقب حصوله على الشهادة.
أحمد هيكل رئيس مجموعة القلعة قال إنه «منذ ١٥ سنة، قرر هو وهشام الخازندار إنشاء مؤسسة غير هادفة للربح، لأننا نعرف قيمة المنح، فقد درست أنا وهو عن طريق مساعدة اهلنا». هيكل حصل على الدكتوراه من ستانفورد عام ١٩٩٨، وقضى هناك أهم خمس سنوات، والخازندار حصل عليها من جامعة هارفارد، واحتفل قبل أيام مع زملائه بالعيد رقم ١٥ لتخرجهم من هذه الجامعة العريقة.
هيكل يقول إن تجربة السفر غيرت حياته بالكامل، ليس فقط بالعلم والتعليم المتميز، ولكن بالاحتكاك بثقافات واجواء ومواقف مختلفة، ومجتمع مدنى يتحرك، وحوكمة مختلفة فى بلد متقدم، الأمر الذى يفتح آفاقا كبيرة فى التفكير والرؤى، مما يتيح التقدم والابتكار.
أحمد هيكل طالب المبعوثين بالعودة لمصر، والإسهام فى تقدمها وبنائها موجها شكرا خاصا للطالبات، وداعب الحاضرين خصوصا الوزيرتين غادة والى وهالة السعيد بقوله إن «ستات مصر أحسن من رجالتها»!!
خلال الاحتفال استمعت لشابة تدعى آمال عادت قبل سنوات من بعثتها وتقول: لازم نتعلم كويس بره من أجل معالجة جذور المشكلة، ولكى نتمكن من التغير والتطور، وأن التعليم عملية مستمرة لا تتوقف.
الفتاة كانت تتحدث بثقة وقوة تجعلك تطمئن على أن الأمل موجود فى المستقبل، شرط أن نمكن هؤلاء من العمل والاختبار والقيادة.
فى احتفال العام الماضى تحدثت الوزيرة غادة والى، وكان كلامها كالعادة ملفتا. وفى الاحتفال الأخير قالت انها سعيدة بالوجود فى هذا المكان الملىء بالطاقة الايجابية، وحيت القلعة لانها استمرت فى هذا التقليد رغم كل الظروف الاقتصادية الصعبة التى مرت بها مصر طوال السنوات العشر الماضية. وأنها فخورة بمؤسسة مجتمع مدنى محترمة مثل القلعة للمنح الدراسية.
هى خاطبت الطلاب قائلة: «كونوا صورة مصر التى نحب أن يراها العالم، وكيف أننا أبناء حضارة محترمة، جوهرها من الماس، بغض النظر عن بعض الصور القبيحة، وبعضها حقيقى وبعضها تآمرى».
الوزيرة حيت فكرة التخصصات النادرة، لاننا صرنا مجتمعا تقليديا جدا، لا يقتحم المجالات غير المعهودة. قالت للطلاب أيضا: «اوعوا تسمحوا للناس يقولوا لكم هتعملوا إيه بالتخصصات دى؟!». و«عليكم بعد أن تعودوا أن تقفوا بجانب الشباب الصغير، مثلما وجدتم من يقف معكم وأنتم صغار».
حتى هذه الليلة لم أكن أعرف أن الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط كانت عضوا منذ عامين فى مجلس أمناء المؤسسة، وقالت فى كلمتها: «قضينا ساعات وأيام حتى يتم اختيار أفضل المتقدمين من كل النواحى».
هى حيت القلعة لأنها قامت بجعل المنح مؤسسية، فهناك جهات كثيرة تقدم العون للدولة، لكن ما فعلته القلعة أنها جعلت ذلك مؤسسيا، ومستداما، وتمنت أن تحذو كل الشركات حذو القلعة فى دعم التعليم، التى تصر على اختيار أفضل الجامعات الدولية لتضمن أعلى عائد من الاستثمار البشرى. ختمت السعيد كلمتها بعبارة: «كل حاجة ممكن تتاخد مننا إلا العلم اللى اتعلمناه».
انتهت الاحتفالية ورأيت الفرح فى عيون الطلاب المرشحين، ورأيت الثقة والقوة فى عيون بعض من عادوا بعد الحصول على الشهادات العليا من الخارج.
مرة أخرى وليست أخيرة. شكرا لشركة القلعة على هذا الجهد، وأحلم بأن يكون لدينا ألف شركة مثلها، حتى نخرج من مشاكلنا العويصة والمزمنة، عبر الاحتكاك بآخر ما وصل إليه العلم والعالم فى شتى المجالات.