قيلولة بيكاسو

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الجمعة 18 يوليه 2025 - 9:10 م بتوقيت القاهرة

نشرت جريدة الرياض السعودية مقالا للكاتب بدر بن سعود، تناول فيه أهمية القيلولة للصحة الجسدية والذهنية إذا تمت بطريقة معتدلة ومدروسة، وأضرارها المحتملة عند تجاوز الحد الموصى به.. نعرض من المقال ما يلى:

عادة القيلولة مهمة للإنســـــان من النــاحية الصحية، لأنها تشحن طاقته الذهنية، وترفع من إنتاجيته وإبداعه، والأنسب أخذها قبل الثانية ظهرا، فالساعة البيولوجية للجسم تكون أبطأ فى هذا الوقت، وبحيث تكون فى حدود 30 دقيقة أو أقل.

القيلولة الخفيفة مهمة، من وجهة نظر، أطباء مركز النوم والسهر فى باريس، تخفض من خطر الإصابة بمرض الشريان التاجى بنسبة 30%، وبعض الدول الأوروبية، فيها أماكن للقيلولة داخل مقــــار العمل، ونفس الشىء متاح فى الفنادق للموظفين، وبعض المدارس الغربية تقوم به مع طلابها، وهو فى رأيى توجه مفيد فى حالة طول اليوم الدراسى، ولمن يعملون بنظام المناوبات، والعاملين فى مجال الرعاية الصحية، وأطقم الطيران التجارى، لمساعدتهم فى استعادة التركيز، وتقليل الأخطاء المرتبطة بالإرهاق، وفى سوق الفوتيان بالصين، وهو أكبر سوق جملة فى العالم، يأخذ كل الموظفين فى مواقعهم، قيلولة طاقة لمدة ثلاثين دقيقة، اعتبارا من الواحدة ظهرًا، لاستعادة النشاط ورفع معدلات الإنتاجية.

مسألة الغفوة أو القيلولة الخفية مهمة، والدليل أن رياضيين عالميين، من أمثال كرستيانو رونالدو وكريم بنزيما وغيرهما، قد يضعونها فى برنامجهم التدريبى، لتسريع تعــافى العضلات، وتحسيــــن سرعــة ردة الفعــــل، والقدرة على التحمل، ووجدت وكالة ناسا الفضائية، بأن قيلولة لمدة 26 دقيقة، يمكن أن تؤدى إلى رفع معدلات الأداء، وخصوصًا لموظفى الرحلات الجوية الطويلة، وبنسبة 34%، وأنها تزيد من مستوى اليقظة لديهم بنسبة 54%، وفى المقابل، أفادت دراسة أمريكية أجريت عام 2022، بجامعة نورث ويسترن، وشارك فيها 460 ألف شخص، بأن المواظبة على القيلولة النهارية، قد تسبب ضغط الدم بنسبة 12%، ويجعل الشخص أكثر عرضة للسكتة الدماغية بنسبة 24%، وأختلف معهما ولكنى أوردهما من باب العلم بالشىء.

الرسام الإسبانى بابلو بيكاسو كان من محبى نوم القيلولة فى فترة الظهيـــرة، ولمدة لا تتجاوز عشر دقائق، وهو عبقرى فى مجاله، وحتى يصحو فى الوقت المحدد، فإنه يمسك بملعقة فى إحدى يديه، وإذا ارتخت عضلاته سقطت الملعقة واستيقظ على صوتها، وهذه طريقة لافتة لضبط التوقيت؛ لأن الارتخاء لا يحصل قبل نهاية الدقائق العشرة، التى حددها عراب المدرسة التكعيبية، وتوجد قيلولة يسمونها قيلولة القهوة أو الطاقة، وفيها يقوم الشخص بتناول كوب القهوة فى رشفة واحدة، ويأخذ بعده قيلولة لعشرين دقيقة، ومن ثم يصحو نشيطًا، لأن مفعول القهوة المنبه لا يعمل إلا بعد هذه المدة.

فى تقرير أصدرته المنظمة الدولية لمرض السكرى عام 2022، وجد المختصون بأن القيلولة لمدة ساعة أو أكثر، تعطى مؤشرًا على إصابة صاحبها، بمرض السكرى الخامل من النوع الثانى، ونصحت مدينة الملك سعود الطبية فى ذات العام، بأن لا تزيد القيلولة على 15 دقيقة، مع الحرص على عدم تناول الكافيين قبل النوم بعدة ساعات، وفى دراسة نشــــرت فى 2016، لوحــــظ بأن أصحاب القيلولة الطويلة ترتفع عندهم نسبة الإصابة بمتلازمة التمثيل الغــــــذائى إلى 50%، والمتـــلازمة تضم مجمــوعة من الأمراض، كضغط الدم، وارتفاع سكرى الدم، وزيادة مقاومة الأنسولين، ودهون الدم، وفى دراسة ثالثة وجدوا أنها ترفع من معدل الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 82%.

القيلولة الطويلة، فى معظم الأحيان، يصاحبها ما يسميه السعوديون بأحلام العصر، والتى يرون فيها أشياء غير مترابطة أو منطقية تحدث معا، وهــــــذه لا تأتى إلا فى المرحلة الثالثة من النـــــوم، أو بعد 40 دقيقة، والمعنى أن القيلولة تجاوزت حدها الصحى، بخلاف أن هـــــذه الأحلام المزعجة، قد تشير لانقطاع التنفس أثناء النوم، أو الإفراط فى الأكل، أو التعب والإرهاق والقلق، وفى الدول المتحضرة توجد تشريعات ضابطة، تحدد لشركات الشاحنات عدد الساعات المسموح بالقيادة المتواصلة فيها، لكل سائق، وبما يحول دون أخذه لقيلـــــولة مميتة خلال عمله.

النص الأصلي

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved