لف ودوران
محمود قاسم
آخر تحديث:
الجمعة 18 يوليه 2025 - 9:10 م
بتوقيت القاهرة
هناك أفلام سينمائية مصنوعة للأفراد الذين يشترون تذكرة سينما للدخول إلى الصالة ومشاهدة أشخاص سعداء بسطاء ذهبوا فى رحلة وعاشوا بضعة أيام خاصة إلى جوار البحر يثرثرون بلا معنى ويتناولون المقبلات بجميع أشكالها، وينتهى الفيلم بزواج سعيد وأن يبقى البطلان إلى جوار البحر يستمتعون بالحياة، أعتقد أن الحياة عند هؤلاء المتفرجين لا تزيد فى معناها عن هذا المفهوم وفى السينما العالمية هناك عشرات الأفلام التى قام ببطولتها عشرات النجوم وهى كلها عبارة عن ثرثرة فى مكان طبيعى ولا أكثر من ذلك، من هذه الأفلام التى لا أنساها (الكوخ الصغير) المأخوذ عن مسرحية فرنسية لـ«هيو هربرت»، قد قرأت هذا النص الفرنسى منذ أعوام طويلة بسبب شغفى الشديد بهذا الفيلم الذى أخرجه مارك ريبسون وبطولة استيروت رانجر مع إيفا جاردرنر وهناك فى حياتنا أفلام إيطالية كثيرة للغاية مصنوعة لهذا الهدف منها «كوبا كابانا بالاس» و«البنات فى الصيف» وفى السينما المصرية هناك أفلام كثيرة أغلبها من بطولة سعاد حسنى وحسن يوسف.
هذا النوع من الأفلام موجود فى قوائم السينما ويظهر علينا من وقت لآخر ويدخل فى هذا الإطار فيلم «لف ودوران» إخراج خالد مرعى وتأليف منة فوزى وبطولة أحمد حلمى، ودنيا سمير غانم، وصابرين، وميمى جمال، وجميلة عوض.. وآخرين. وأذكر أن صابرين قالت فى لقاء تليفزيونى إنها لم تشعر بأنها كانت تعمل أثناء العمل فى الفيلم، فكل ما كان عليها أن تفعله هو أن تثرثر مع الآخرين وهكذا مرت أيام التصوير، وأنا معها فى هذا الإحساس فكل طاقم التصوير وجب نفيه فى منطقة سياحية من الدرجة الأولى فى البحر الأحمر لا يغادرونها طوال فترة النم، أقصد فترة الثرثرة، وكل المطلوب من المشاهد أن يستمع إلى الثرثرة ولا مانع أن يشارك فيها بطريقته الخاصة، وعلى الناقد ألا يمسك قلمه ويعمق المعانى الجوفاء ولا يعلق على الفيلم بأى جملة بسيطة أو بليغة، إن الأمر أشبه باللف والدوران بمعنى أنك مهما فعلت فسوف تعود إلى نقطة البداية، إن عظمة الثرثرة فى ممارستها دون الحكم عليها، القصة بسيطة جدا الشاب نور يذهب إلى البحر الأحمر لمقابلة فتاة إيطالية أرسلها له أبوه من إيطاليا كى يصادقها ولا مانع أن يتزوج بها هذا الابن، لم نرَ الأب فى الفيلم وهو منفصل عن زوجته أم نور، التى ليس لها فى حياتها سوى ابنها وتعيش معه ومع بعض من أقاربها وهم أختها وابنة أختها الأخرى، لذا فهى تعمل ــ على ألا يتزوج من بريلا الإيطالية وتحاول صنع تقارب بينه وبين فتاة تدعى ليلة هى أيضا تود أن تتزوج وتدخل فى معترك الأسرة، ويتم الضحك على الفندق بأنها عروس، وبين تلك المواقف لا تود سوى الثرثرة، ومن الثرثرة تتحول العواطف باعتبار أن ليلة بنت ودودة مؤمنة أن تبقى على الشاب وأن تتزوج منه وألا تجعله يتشتت بين البلاد، وترسم خطة للانفراد بنور فى جزيرة وحدهما ومعهما بعض لوازم الحياة مثلما حدث فى فيلم استاكوزا وفجأة تنطفئ الأنوار لعلك نمت من كثرة الثرثرة وتخرج إلى الشارع وتنسى الأحداث، هكذا كانت أفلامنا فى بداية هذا القرن وهى فترة انتقال من سينما الفكر إلى سينما «الكوبا كابنا بالاس»، ملحوظة هذا الاسم الأخير هو واحد من الأفلام الإيطالية الأقرب فى موضوعه إلى الفيلم موضوع الحلقة.