رسالة من اللواء أحمد عبدالله عن الإغلاق المبكر للمحلات
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الثلاثاء 19 مايو 2020 - 8:35 م
بتوقيت القاهرة
يوم السبت الماضى كتبت مقالا فى هذا المكان عنوانه: «بعد نهاية كورونا.. هل نغلق المحال فى العاشرة؟».
فى نفس اليوم تلقيت رسالة رقيقة من اللواء دكتور أحمد عبدالله محافظ البحر الأحمر السابق عن نفس الموضوع، أنشرها كاملة، وأعود بعدها لأعلق عليها.
نص الرسالة يقول:
«إذا كان هذا الفيروس الذى اجتاح العالم قد أثر سلبا فى حياة البشر اقتصاديا واجتماعيا وبدأت مراكز الدراسات تعكف على دراسة تأثيراته السلبية على جميع مناحى الحياة لدرجة أنهم يتحدثون عن عالم جديد يتشكل كنتيجة مباشرة لتأثير هذه الجائحة. ولن أتناول هنا ما ذكرته المراكز البحثية عن الأثر السلبى لهذه الأزمة العالمية، ولكن قد تكون فرصة للدراسة لتحقيق بعض الإيجابيات كنتيجة مباشرة للضوابط التى وضعتها الحكومة المصرية من خلال القرارات الصائبة، لتحقيق الانضباط السلوكى للحفاظ على حياة وصحة المواطن المصرى بفرض الحظر الذى أدى لغلق المحال التجارية والمقاهى ليلا، ولنا أن نتوجه بالتحية للشعب المصرى، الذى التزم تماما من مفهوم المصلحة العامة والمصلحة الخاصة وكان ذلك كنتيجة مباشرة للشفافية التامة لما تعلنه الحكومة وللدور الإعلامى الجيد من خلال حملات التوعية.
فهل بعد انتهاء هذه الأزمة ــ عاجلا كما نتمنى أو آجلا لا قدر الله ــ يعود الشارع المصرى كسابق عهده مكتظا بالبشر حتى الساعات المتأخرة من الليل (زحام، عادم السيارات، سحب دخان الشيشة المتصاعدة من المقاهى، استهلاك عالى لكهرباء الإنارة العامة وللخاصة من أصحاب الأنشطة أيضا وصعوبة قيام أجهزة الحكم المحلى بأعمال النظافة فى الشوارع نتيجة للحركة الزائدة نهارا وليلا. ويذكرنى أنه فى أعوام 2011 إلى 2013 أثناء عملى كمحافظ فى بورسعيد أننا ناقشنا فى مجلس المحافظين سبل توفير الكهرباء للمنازل وكلنا يتذكر أزمة الكهرباء الطاحنة التى كانت تمر بها مصر وكانت شركات الكهرباء مضطرة لتخفيف الأحمال بقطع الكهرباء عن أحياء كاملة مما تطلب وقتها صدور قرارات بفرض توقيت غلق المحال والأنشطة الساعة التاسعة مساءً وللأسف لم نستطع تطبيق هذا القرار نتيجة حالة السيولة التى كانت عليها الدولة، أما الآن وفى ظل القيادة السياسية الرشيدة وللمصداقية المتبادلة بين القيادة والشعب التى جعلته يتقبل أصعب القرارات الاقتصادية وبنفس درجة الثقة والمصداقية يمكننا أن نعيد أشياء للشارع المصرى تصب فى صالح المواطنين والدولة ومنها:
تحديد توقيت الغلق للمحال والأنشطة التجارية فى السابعة مساءً ويمتد للثامنة فى أشهر الصيف.
التوقيت اليومى لغلق الأندية والمقاهى والمطاعم فى العاشرة مساءً.
وبتنفيذ هذه الإجراءات سوف ينتج عنها تحسن ملحوظ فى جودة الهواء وتخفيف حدة التلوث وما لهما من تأثير إيجابى على صحة المواطنين واستغلالا للترابط الأسرى الذى قويت أحباله خلال فترة الحظر الإجبارى مما أدى إلى التكيف مع مساحة وقت التواجد بالمنازل فأصبح الشباب يأخذ وقته الكافى من النوم الذى يجعله أكثر حيوية أثناء النهار وأكثر إنتاجية أثناء ساعات العمل. إعمالا لقوله تعالى (وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا) النبأ 10ــ11.
فلنجعل النهار معيشة وعملا وكسبا للرزق.
انتهت رسالة اللواء أحمد عبدالله، وأتفق مع مضمونها تماما.
لدينا بالفعل فرصة قد لا تتكرر قريبا وهى الظروف غير الطبيعية التى نتجت عن تداعيات فيروس كورونا، وجعلت غالبية الناس تتقبل حتى ــ لو كانت مضطرة ــ فكرة الجلوس فى البيت طوال فترة المساء.
لو أن الحكومة اتخذت قرار إغلاق المحلات والكافتيريات والمقاهى فى وقت يبدأ من السابعة وبحد أقصى العاشرة مساء، فستكون خطت خطوة كبيرة لإصلاح «الحال المايل» فى المجتمع.
مرة أخرى يندر أن تجد وضعا مقلوبا، كما هو الحال فى مصر فيما يتعلق بإهدار صحة وعمر وأخلاق الشباب فى السهر على المقاهى والكافتيريات، ناهيك عن إهدار الطاقة من كهرباء وغاز وخدمات بنية تحتية.
مرة أخرى أدرك أن تكريس هذا الوضع الخاطئ نتج عنه ظهور مصالح ولوبيات ومستفيدين كثيرين، لكن أظن أن الإيجابيات من تطبيق الإغلاق المبكر أكبر بكثير من السلبيات. والفيصل فى ذلك هو الإسراع بدراسة محددة توضح لنا مميزات وسلبيات قرار الإغلاق المبكر.
إذا كنا قد دفعنا ثمنا فادحا بسبب كورونا فى العديد من القطاعات، فعلينا أن نستفيد من فرص وفرها لنا هذا الوباء اللعين، وأولها إغلاق المقاهى والكافتيريات والمحلات مبكرا.