هل يُكمل أوباما ولايته بمراسيم؟
صحافة عربية
آخر تحديث:
السبت 19 يوليه 2014 - 8:20 ص
بتوقيت القاهرة
يبدو أن هناك شبه إجماع عند المحللين فى واشنطن على أن الحزب الجمهورى سيحتفظ بالغالبية فى مجلس النواب فى الانتخابات النصفية التى ستجرى فى شهر نوفمبر المقبل، الأمر الذى يجعله مسيطرا تماما على العملية التشريعية. لكن هؤلاء يعتقدون فى الوقت نفسه أن الحزب الديمقراطى قد يستعيد الغالبية فى مجلس الشيوخ فى الانتخابات العامة إذا كانت وزيرة الخارجية السابقة هيلارى كلينتون مرشحته لرئاسة الولايات المتحدة.
تعنى سيطرة الجمهوريين على الكونجرس بمجلسيه فى نظر كثيرين من هؤلاء وقوع أمريكا فى مأزق مهم. ذلك أن التشريعات التى ستصدر عنه قد لا تطبق لأن الرئيس أوباما لن يوقعها كى تصبح نافذة، إذا كانت منطلقة بحسب تقديره من الكيدية والمشاكسة التى مارسها معه الجمهوريون منذ وصوله إلى البيت الأبيض، ومن الرغبة فى إفشاله ومنعه من دخول التاريخ على نحو مشرف، أو فرض اتجاهات عليه يرى إنها ستلحق ببلاده ومصالحها أذى كبيرا فى حال قوننتها. وهذا أمر يمكن أن يحصل وخصوصا بعدما فرخ داخل الحزب الجمهورى حزب آخر «متطرف» سمى «حزب الشاى»، وبعدما حال هذا الحزب الوليد دون اتفاق أعضاء الحزبين فى الكونجرس على تشريعات عدة أكثر من مرة. وسيتابع أوباما ممارسة مهماته بواسطة قرارات ومراسيم رئاسية، وذلك أمر يسمح له به الدستور. ومن شأن ذلك دفعه إلى الاهتمام أكثر بتثبيت إرثه التاريخى من خلال استكمال إنجاز ما لم ينجزه من برنامجه الرئاسى وخصوصا فى الداخل، وتثبيت موقعه فى التاريخ باهتمامه بالقضايا الدولية المعقدة. وهى كثيرة جدا.
يعتقد عدد من المحللين الأمريكيين أنفسهم أنه قام بالكثير على هذا الصعيد، وباتت فى رصيده إنجازات داخلية مهمة من شأنها جعل بصمته فى تاريخ بلاده واضحة. فقانون الضمان الصحى مر فى الكونجرس ودخل حيز التنفيذ رغم المعارضة الشديدة التى واجهته. وعلى الصعيد الخارجى سحب القوات العسكرية الأمريكية من العراق وهو يتأهب لسحبها من أفغانستان. ويتساءل هؤلاء عن الإنجازات الأخرى التى على أوباما أن يحققها كى يكون مستحقا مرتبة مهمة فى تاريخ بلاده. ويرون أن عليه ربما أن يشغل نفسه أكثر بالأزمات الناشبة فى العالم إذ ربما يزيد من حظوظ إنصاف التاريخ له مستقبلا. علما بأنه فى الأزمة الأوكرانية الداخلية كما فى الأزمة الأوكرانية ــ الروسية نجح فى دفع الرئيس بوتين إلى «الاقتناع»، بعد احتلال شبه جزيرة القرم، بعدم الاستمرار فى تحريض الشعوب التى من أصل روسى فى دول أوروبية شرقية عدة على الانفصال والالتحاق بالوطن الأم. طبعا، يلفت هؤلاء، لم يفكر أوباما يوما فى زعزعة حكم بوتين أو فى قلبه علما أن ذلك ليس فى مقدوره. لكنه أراد من خلال موقفه الصلب والمرن فى آن واحد من الموضوع الأوكرانى رسم خط يؤكد فيه لروسيا أن قضم أراضى الدول المجاورة لها لأى سبب لن يكون مقبولا ولا مسموحا به، وعندما يستوعب زعيمها ورئيسها بوتين ذلك فإن «العزلة» الدولية التى فرضت عليها ترفع، وتدعى من جديد إلى العودة إلى مجموعة الدول السبع التى صارت «الثمانى» بعد انضمامها (أى روسيا) إليها. كما تفتح لها الأبواب للعودة إلى الاشتراك فى أنشطة متنوعة غربية وأوروبية وأطلسية. علما بأنها هى بادرت إلى وقف اشتراكها فى بعض هذه الأنشطة.
أما فى «الأزمة» الدولية ــ الإيرانية وأيضا الأمريكية ــ الإيرانية التى تسببت بها نووية إيران ومشروعاتها الإقليمية، فإن المحللين أنفسهم يعتقدون أن أوباما يقود مفاوضات بلاده لحلها فى طريقة جيدة صلبة ومرنة فى الوقت نفسه. لكن الذى لا يزال مجهولا حتى الآن هو: إلى أى مدى تريد أن تذهب إيران فى التفاوض وعبره. هل تريد الحد الأدنى فقط أى المتمثل برفع العقوبات؟ أم تريد اتفاقا بل تحالفا (Entente) مع أمريكا؟ وهل بدأ الانقسام داخل إيران بين الولى الفقيه والمحافظين من جهة ورئيس الجمهورية والمعتدلين من جهة أخرى على «النووى» وعلى قضايا داخلية عدة؟
طبعا هذه الأسئلة التطورات فى الشرق الأوسط وحدها تجيب عنها.
سركيس نعوم