في محبة الدكتور محمود محيي الدين
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الجمعة 19 يوليه 2024 - 7:00 م
بتوقيت القاهرة
فى الثالثة من عصر الخميس قبل الماضى ١١ يوليو، ذهبت لمقابلة الدكتور محمود محيى الدين فى مكتبه بالدور رقم ١١ بالمقر الرئيسى لصندوق النقد الدولى بصحبة الإعلامى نشأت الديهى.
لم يكن طبيعيا أن نأتى لواشنطن لتغطية قمة حلف شمال الأطلنطى «الناتو» من دون مقابلته، فهو بمثابة عمدة المصريين فى واشنطن بكل ما يحويه المصطلح من معنى.
الدكتور محمود له وظائف متعددة أو مهمات كثيرة فهو المدير التنفيذى للصندوق المسئول عن شئون مجموعة من دول المنطقة وهى مصر والبحرين والعراق والأردن والإمارات ولبنان والصومال وعمان وقطر واليمن والكويت فضلا عن جزر المالديف. ولذلك ستجد أعلام هذه الدول موجودة فى مدخل المكتب.
وهو أيضا مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة.
ونعلم بالطبع أنه كان وزيرا متميزا للاستثمار فى حكومة أحمد نظيف، وغادرها ليلتحق بالبنك الدولى قبل شهور قليلة من ثورة 25 يناير 2011..
وحينما تتجول فى غرف الاجتماعات الملحقة بمكتبه فى واشنطن ستكتشف فورا أنك فى مكتب مثقف مصرى كبير.
أول ما يلفت النظر مجموعة مختلفة من الصور واللوحات
صورة أولى حزينة للفنانة سعاد حسنى، وقصتها كما يقول الدكتور محمود إنه كان فى زيارة لفيتنام، وكانت الصورة موجودة على موقع فى الإنترنت، وخلال تجوله فى شوارع هانوى وجد فنانا يرسم الصور فى الشوارع، فأعطاها له فقام بتكبيرها. الطريف أن الفنان حصل على سعر زهيد نظير عمله، فى حين أن إطار الصورة تكلف أضعاف هذا المبلغ فى واشنطن.
صورة ثانية لرقصة نوبية فلكلورية شهيرة، حينما كان الدكتور محمود فى زيارة أسوان، وزار أحد المحلات القديمة وجد هذه اللوحة، وتحدث مع صاحب المحل واشتراها بمبلغ زهيد أيضا لكن الإطار كلفه أيضا مبلغا أكبر بكثير، وهو الأمر الذى يكشف أن القيمة فى أحيان كثيرة تكون متجاوزة السعر رغم اختلاف السعر من مكان لمكان..
صورة ثالثة لمنطقة الأهرامات ويبدو فيها أبوالهول شبه مطمور بالرمال.
صورة رابعة لعازف ربابة، وجدها الدكتور محمود معلقة فى بيت جده بكفر شكر قليوبية.
صورة خامسة تمثل نابليون بونابرت خارجا من مصر حاملا الكثير من المقتنيات المصرية. وبطبيعة الحال فهذه الصورة تذكير بأن الاستعمار الغربى نهب العديد من الموارد من البلدان المحتلة
وصورة سادسة بخط عربى جميل مكتوب عليها: «مصر التى فى خاطرى».
أما الصورة الأخيرة الموجودة خلف الكرسى الذى يجلس عليه د. محمود محيى الدين فهى لوحة جميلة مكتوب عليها «بسم الله الرحمن الرحيم» بخط عربى شديد الجمال.
تلك هى أبرز الصور التى رصدتها، إضافة للوحات أخرى تمثل جمال الطبيعة.
حينما تقابل أو تتحدث مع د. محمود محيى الدين بشأن الاقتصاد فسوف تجده يغوص بك فى أحاديث ثقافية متنوعة.
أعرف هذا الرجل منذ سنوات طويلة، وهو نموذج حقيقى للمثقف المصرى والعربى والعالمى الموسوعى، حيث يمكنه أن يحدثك فى كل مجال تقريبا، فمثلا يقول إن وزارة المعارف المصرية حينما ترجمت كتابا اقتصاديا مهما فى مطلع القرن الماضى، فإن من قام بترجمته أو تعريبه كانا اثنين من أهم الشعراء وهما حافظ إبراهيم وخليل مطران.
وهو مؤلف مهم للعديد من الكتب، وبعضها صدر من دار الشروق مثل «فى التقدم.. مربكات ومسارات»، كما قدم وترجم كتابا مهما جدا هو «أوروبا.. تاريخ وجيز» للمؤلف جون هيرست.
وأظن أن هناك مشروعات كتب قادمة فى الطريق مع دار الشروق قريبا.
هو متابع للفنون ولذلك لم يكن غريبا أن يتم انتخابه قبل أيام زميلا فى الأكاديمية العالمية للفنون والعلوم. وهى منتدى دولى للعلماء والفنانين والباحثين المكرسين لمعالجة التحديات الملحة التى تواجه البشرية.
وفى نفس الوقت يتابع معظم ما يحدث فى مصر، ولا يخلو نقاش إلا من سيرة بلده كفر شكر وكل رحلاته وتنقلاته إما أن تبدأ منها أو تنتهى إليها.
وحينما تقابله فى كفر شكر فهو الفلاح المصرى الأصيل الذى يرتدى الجلباب، ويحدثك عن الزراعة وأحوالها، وحينما تقابله فى واشنطن فهو المسئول والخبير الدولى المرموق الذى يحدثك فى أدق تطورات العالم الاقتصادية ناهيك عن خبرته فى التغيرات المناخية وكان رائد المناخ المصرى فى قمة «كوب 27» التى عقدت فى شرم الشيخ فى نوفمبر قبل الماضى.
هو شديد التواضع، واسع العلاقات والأصدقاء كثير السفر بحكم عمله، يرتاد المقاهى من القاهرة إلى واشنطن وما بينهما.
محمود محيى الدين نموذج مصرى وعربى مشرف جدا.