أول بضاعة اشترتها إيران بعد الاتفاق
صحافة عربية
آخر تحديث:
الإثنين 20 أبريل 2015 - 10:10 ص
بتوقيت القاهرة
أول مشتريات إيران بعد توقيع مبادئ اتفاق برنامجها النووى، والتعهد برفع الحظر عنها، لم تكن سيارات، أو طائرات ركاب، أو ثلاجات، أو حقائب نساء، بل صواريخ بعيدة المدى! وقد أعلنت إيران عن سعادتها بصواريخ S300، التى وافق الكرملين على تسليمها لها هذا الصيف. الإعلان الروسى زاد من غضب دول المنطقة محذرة من تبعات اتفاق لوزان الذى سيرفع العقوبات العسكرية والاقتصادية. ها هو وقبل أن يوقع يدفع بعسكرة المنطقة ويزيد من توترها.
نتساءل: لماذا هذا الحرص والاستعجال من روسيا، مع أن التوقيع النهائى على الاتفاق الغربى ــ الإيرانى المتوقع بعد أقل من ثمانية أسابيع؟
هل يريد الكرملين استمالة إيران حتى لا تنحرف باتجاه الولايات المتحدة بعد المصالحة المنتظرة اللاحقة؟
أم أن تسليم الصواريخ الروسية لإيران جزء من الصراع بين روسيا والغرب فى أوكرانيا، ويريد الرئيس فلاديمير بوتين توسيع دائرة القلاقل للغرب وحلفائه فى مناطق نفوذهم؟
أو هل الأمر مجرد تجارة، بيزنس؟ فالشرق الأوسط صار أكبر سوق لشراء السلاح فى العالم، وتريد روسيا تكبير حصتها فيه. فهى ببيعها صواريخ ذات تأثير خطير ستضطر بقية دول المنطقة إلى التفتيش عن سلاح أفضل وأكبر. وتقول وزارة الدفاع الروسية إنها ستمنح الإيرانيين النسخة المطورة من صواريخ S300، تعويضا عن خذلانها لهم وبنفس مبلغ المليار دولار تقريبا الذى حصَلته منهم ولم تشحنها آنذاك.
استراتيجيا، الصواريخ قد لا تقلب موازين القوة إقليميا، لكنها مهمة ومؤثرة. حتى إن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لم يكتفِ بقراءة جرائد الصباح يوم إعلانها وهاتف الرئيس الروسى محتجا. كما اعتبرت الكثير من الدوائر العربية صفقة الصواريخ دليلا على أن اتفاق لوزان «زاد إيران عدوانية ولم يحببها فى السلام».
بالنسبة لدول الخليج لها حسابات مختلفة عن إسرائيل؛ فالثانية تملك قوة نووية وتقليدية ضاربة تستطيع تدمير إيران فى نهار واحد لو وقعت الحرب، أما دول الخليج ففى وضع أضعف مع تعزيز دفاعات إيران بالصواريخ الروسية؛ فهى تعتمد فى استراتيجيتها الدفاعية ضد إيران على سلاحى الجو والصواريخ بشكل أساسى ضد أى خطر خارجى محتمل. صواريخ S300 قد تضعف قدرة سلاحها الرئيسى، حيث يتفوق سلاحها الجوى بشكل كبير على إيران، وَالَذِى ستعتمد عليه للتصدى لأى هجوم إيرانى محتمل بريا وبحريا.
صفقة روسيا لإيران تترافق مع تزايد التشكيك فى التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن الدول الخليجية، مما يزيد من التوتر الإقليمى. وقد يتساءل البعض: لماذا لا نفكر سلميا، ونأمل أن شعور إيران بالثقة فى نفسها عسكريا باتفاقية لوزان وأسلحة روسيا سيدفعها للاطمئنان والتوقف عن نشر القلاقل فى المنطقة؟ هذا كان دائما تمنيات العرب، لكننا نعيش فى الواقع وليس فى عالم من الخيال، ندرك أن إيران لن تأتى وتجلس علَى طاولة حوار وبحوزتها كل هذه القوة فقط من أجل السلام. شهية إيران للفوضى ستزداد، لأنها تدرك أنها قامت بتحييد الدول الغربية عن التدخل لردعها مقابل تجميد برنامجها النووى، وعززت قوتها الدفاعية، مستفيدة من رفع الحظر العسكرى والاقتصادى الدولى عنها. فى تصور قادة طهران أن المنطقة أصبحت خريطة مفتوحة للمرة الأولى منذ اتفاق سايكس ــ بيكو، بحيث يمكن تعديل حدودها بما يلائم مصالحها.
عبدالرحمن الراشد
الشرق الأوسط ــ لندن