فقراء العرب
طلعت إسماعيل
آخر تحديث:
الإثنين 20 مايو 2024 - 8:24 م
بتوقيت القاهرة
تتعدد تعريفات الفقر، كما تتعدد أسبابه من مجتمع إلى آخر، لكن فى جوهره لا يختلف عن كونه حرمان الفرد من الحصول على ما يكفى احتياجاته اليومية من مأكل ومشرب، ومسكن وعلاج وتعليم ووسيلة تنقل من مكان إلى مكان.
ووفق تعريف الأمم المتحدة فإن الفقر أكثر من مجرد الافتقار إلى الدخل أو الموارد أو ضمان مصدر رزق مستدام، حيث إن مظاهره تشمل الجوع وسوء التغذية وانحسار إمكانية الحصول على التعليم والخدمات الأساسية، إضافة الى التمييز الاجتماعى والاستبعاد من المجتمع وانعدام فرص المشاركة فى اتخاذ القرار.
وحسب الجهاز المركزى للإحصاء يعتبر الفقر المادى هو عدم القدرة على توفير الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية للفرد/الأسرة، وتتمثل تلك الاحتياجات فى الطعام والمسكن والملابس وخدمات التعليم والصحة والمواصلات.
وإذا ما انتقلنا من التعريف إلى رصد الواقع، ووفق مجموعة البنك الدولى، بلغ مجموع سكان العالم الذين يعيشون فى فقر مدقع (على أقل من 2.15 دولار للفرد فى اليوم) نحو 712 مليون شخص عام 2022، بزيادة قدرها 23 مليون شخص مقارنة بعام 2019، وذلك بعد أن تلقت جهود الحد من الفقر فى العالم ضربة قاسية، بسبب جائحة كورونا وسلسلة من الصدمات الكبرى خلال السنوات 2020-2022.
وعلى الصعيد العربى كشف الدكتور خالد حنفى، أمين عام اتحاد الغرف العربية ، قبل أيام، عن ارتفاع مستويات الفقر فى المنطقة العربية عام 2023 مقارنة بالسنوات الماضية، ليصل عدد الفقراء إلى ما يقرب من 130 مليون شخص، أى ما يمثل ثلث سكان المنطقة، باستثناء دول مجلس التعاون الخليجى وليبيا، وذلك وفقًا لخطوط الفقر الوطنية.
وتوقع الدكتور خالد حنفى الذى كان يتحدث فى العاصمة البحرينية المنامة ضمن فعاليات المنتدى الدولى لريادة الأعمال والاستثمار بدورته الخامسة، بحضور حشد من وزراء التضامن والتنمية فى الدول العربية أن تستمر مستويات الفقر فى الارتفاع، لتصل إلى 36% خلال العام الحالى 2024.
مصريًا، وحسب البيانات التى أعلنها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فى آخر بياناته فى هذا الصدد، فإن معدلات الفقر بلغت 29.7% خلال العام المالى 2019-2020 من 32.5% خلال عام 2017-2018، بنسبة انخفاض قدرها 2.8%، مشيرًا إلى أن الفقر المدقع فى مصر (نسبة من لا يستطيعون تأمين احتياجاتهم من الغذاء)، انخفض على مستوى الجمهورية إلى 4.5% عام 2019/2020 من 6.2% عام 2017-2018.
وعلى الرغم من هذا التراجع فى معدلات الفقر فى مصر بين 2019-2020، فإن عوامل داخلية وخارجية ربما تكون قد أدت إلى عودة معدلات الفقر إلى الارتفاع من جديد فى العامين الماضيين، ووفق تقديرات بعض الاقتصاديين فإن، النسبة قد تصل إلى 35% من عدد السكان خلال عام 2024 الجارى، وإلى 36% فى عام 2025.
هذه المؤشرات عالميًا وعربيًا ومصريًا عن معدلات الفقر، تكشف عن مدى ما نواجه من تحديات، تعكس بدورها مشكلات معقدة ومركبة، لم تستطع جهود العديد من المنظمات والهيئات والحكومات الحد منها، وبما يجنب المجتمعات التى ينهشها الفقر، المخاوف من عدم الاستقرار والاضطرابات.
وفى مصر لا يمكن تجاهل جهود تحسين مستويات الملايين فى الدلتا والصعيد من خلال العديد من المبادرات والبرامج الاجتماعية، مثل قرى حياة كريمة وغيرها، فضلًا عن رفع الحد الأدنى للإجور إلى 6 آلاف جنيه، لكن مثل هذه الجهود للحد من الفقر، ومحاصرة أسبابه، تعرضت بلا شك لصدمة بفعل الآثار السلبية، لتحرير سعر الصرف على العديد من الشرائحة الاجتماعية، وفى صلبها الطبقة الوسطى.
وفى الأخير قدم المشاركون فى الحوار الوطنى، العديد من التوصيات فى الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعدت الحكومة بتطبيقها بناء على توجيهات رئاسية، ولعلها تكون مفتاحًا، لا نقول فى القضاء على الفقر نهائيًا، لكن للتقليل من نسبته، والحد من تداعياته الاجتماعية التى يجب أن نسعى جميعًا لتجنب حدوثها.