تطورات المزاج العام الإسرائيلى

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: السبت 20 أغسطس 2022 - 8:45 م بتوقيت القاهرة

نشر المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية مقالا بتاريخ 18 أغسطس للكاتب شادى محسن، تحدث فيه عن 3 شخصيات سياسية إسرائيلية قادرة على التأثير على الخريطة السياسية للدولة اليهودية (يائير لابيد ــ بينى جانتس ــ نتنياهو)، وإلى أى شخصية يميل المزاج العام الإسرائيلى.. نعرض من المقال ما يلى.
يبقى السؤال المطروح: هل لا يزال مفهوما الأمن والحرب هما محددات العقل والسلوك الإسرائيلى؟
يضم المشهد السياسى الإسرائيلى حاليا ثلاث شخصيات سياسية بارزة قادرة على التأثير على ملامح الخريطة السياسية الإسرائيلية ومآلاتها النهائية، وهم: بنيامين نتنياهو (36 مقعدا)، يائير لابيد (23 مقعدا)، بينى جانتس وزير الدفاع الحالى وزعيم حزب أزرق أبيض (10 مقاعد). يحمل كل من الثلاثة أدوات تكتيكية للتأثير على ملامح السياسة الإسرائيلية مستقبلا.

أولا: يائير لابيد.. السياسة الخارجية
شهد نشاط السياسة الخارجية الإسرائيلية طفرة ملحوظة تحت إدارة يائير لابيد كونه وزير خارجية ورئيس حكومة تسيير الأعمال الحالية. حرص لابيد على منح مسار التطبيع بين إسرائيل والدول العربية زخما أكبر على المستوى الرأسى: أى تعميق العلاقات مع الدول العربية المطبعة بالفعل مثل الأردن، والإمارات، والمغرب.
وعلى المستوى الأفقى: أى محاولة فتح قنوات جديدة مع دول عربية لم توافق على التطبيع بعد مثل السعودية ولبنان.

ثانيا: بينى جانتس.. الأداة العسكرية
أطلق الجيش الإسرائيلى عمليتين عسكريتين فى وقت واحد، عملية كاسر الأمواج فى الضفة الغربية التى بدأت فى تاريخ 31 مارس 2022، أى قبل قرار حل الكنيست والإعلان عن انتخابات مبكرة، وعملية الفجر الصادق فى قطاع غزة فى تاريخ 5 أغسطس 2022، أى بعد حل الحكومة.
اختلف الخطاب السياسى لوزير الدفاع الإسرائيلى بينى جانتس فى العمليتين، أما عملية كاسر الأمواج فاحتكر رئيس الحكومة آنذاك الخطاب السياسى الذى يبرر العملية ومدى تحقيقها الإنجازات واعتقال قيادات فلسطينية كانت مسئولة عن الهجمات المتلاحقة من بداية العام الجارى. واكتفى بينى جانتس بالتقاط الصور أثناء اجتماعه برئيس الأركان أفيف كوخافى.
أما عملية الفجر الصادق، فانعكست الصورة؛ فلم يظهر رئيس حكومة تسيير الأعمال يائير لابيد إلا فى بعض التصريحات البسيطة فى بداية العملية. بينما بشكل عام احتكر بينى جانتس المشهد الأمنى للعملية العسكرية، بدأت برفضه الدعوة لعقد مجلس الوزراء وإبقاء العملية فى إطار سرى تام؛ بداعى أن مجلس الوزراء هو مجلس موسع، ولم يرد جانتس تسريب وقت العملية أو رفض إطلاقها من قبل وزراء محسوبين على التيار اليسارى.

ثالثا: نتنياهو.. الاقتصاد
اختلف زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو عن سياسته القديمة فى تسييس الأمن للتأثير على اتجاهات الرأى العام الإسرائيلى، حيث لم يقفز على العملية العسكرية الأخيرة فى غزة ليستغل المشهد فى انتقاد السياسات الأمنية لحكومة لابيد على سبيل المثال. وإنما فى الواقع فضل ــ حتى قبل تنظيمه للانتخابات التمهيدية للحزب ــ الإعلان عن أول برامج الحزب الانتخابية وهو البرنامج الاقتصادى.
فى 3 أغسطس 2022، وعد نتنياهو الجمهور الإسرائيلى بالتعليم المجانى من سن الصفر، وخفض الضرائب بما فيها الوقود، وتجميد الضرائب على الممتلكات والإجراءات فى مجال الإسكان. يستغل نتنياهو بقاءه فترة طويلة على رأس السلطة، حيث شهدت فترته تحسنا اقتصاديا ملحوظا، وأدى إلى رفع التصنيف الائتمانى لإسرائيل إلى أحد أعلى المستويات فى العالم.
•••
بالنظر إلى استطلاعات الرأى العام الإسرائيلى بعد اندلاع الحرب الروسية فى أوكرانيا، وبعد العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة فى غزة. يمكن استخلاص مجموعة من الاتجاهات الرئيسية، هى:
1ــ سيؤيد 44% من الشعب الإسرائيلى الحزب الذى يهتم بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية فى إسرائيل، نتيجة ارتفاع معدل التضخم، والبطالة مقارنة بالأعوام الماضية. بينما قبل اندلاع الحرب الروسية كان يرى 34% فقط أن الوضع الاقتصادى يتقدم كأولوية أولى على الأوضاع الأمنية.
2ــ يرى 60% من الشباب الإسرائيلى (بين سن 18 إلى 35 عاما) أن الاقتصاد هو المحدد الرئيسى لاختياراتهم السياسية وتقييمهم للثقة السياسية تجاه حكوماتهم.

3ــ يرى 88% من الشعب الإسرائيلى أن الوضع الأمنى لا يتصدر اهتماماتهم الانتخابية، منهم 55% متفائلون بقوة تجاه الأوضاع الأمنية. ولكن قبل اندلاع الحرب الروسية كان يرى 30% أن الوضع الأمنى هو الأولوية الأولى.
4ــ يشعر 100% من الشباب الإسرائيلى بالسخط تجاه قوانين العمل، وفرص الادخار، ومستقبل السلوك الاستهلاكى للشباب على شراء السلع والخدمات. و88% من الشباب يشتكى عدم الاستقرار المهنى والوظيفى، ويطالبون الحكومة بتكثيف البرامج التدريبية على المهارات.
5ــ يقرر 75% من الشعب الإسرائيلى بشكل عام انتخاب أحزاب المعارضة فى الكنيست، أى معسكر نتنياهو اليمينى.
6ــ يرى 95% من الشباب الإسرائيلى أن هناك انقساما أيديولوجيا فى إسرائيل يهدد مستقبلها، ويقترحون إنشاء مجلس مصالحة وطنية لرأب الصدع الأيديولوجى بين التيارين اليمينى واليسارى.
7ــ يؤيد 14% فقط من الشعب الإسرائيلى بشكل عام الأحزاب الإسرائيلية التى تهتم بمسألة علاقة الدين بالسياسة.
8ــ يرى 73% من الشعب الإسرائيلى بشكل عام أن إسرائيل تسير فى اتجاه خاطئ، إذ تصرف انتباهها عن قضايا مصيرية ذات أهمية أكبر من قضايا الأمن.
• • •
بناء على ما سبق يمكن القول إن أغلب استطلاعات الرأى انتهت إلى بروز ظاهرة جديدة تحيل مفهوم الأمن والحرب إلى مرتبة متأخرة قليلا بعد الاقتصاد (كأولوية أولى) فى اتجاهات المزاج العام الإسرائيلى.
وفى واقع الأمر، يقترب نتنياهو كثيرا من اتجاهات المزاج العام الإسرائيلى عبر تبنيه المقترب الاقتصادى فى الترويج لنفسه سياسيا بين الجمهور الإسرائيلي؛ لكسب مزيد من المقاعد حتى موعد الانتخابات. بينما يراهن رئيس الحكومة الحالى وزعيم حزب هناك مستقبل يائير لابيد على الترويج لصورة إسرائيل خارجيا من خلال تفعيل نشط للسياسة الخارجية الإسرائيلية. أما بينى جانتس فتدخل محاولاته ضمن محاولات الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية من أجل إحاطة العقل الإسرائيلى فى إطار مفهوم الأمن، وتسييس هذا المفهوم ضمن معادلات سياسية تصويتية على خلفية الأحزاب الإسرائيلية، وتعتبر أبرز هذه المحاولات هى تشكيل الحرس المدنى الوطنى.
أخيرا، يساعد فهم اتجاهات المزاج العام الإسرائيلى فى تحديد موضوعى لشكل الأجندة السياسية للحكومة الإسرائيلية مستقبلا على المستويين الداخلى والإقليمى، والوقوف على حجم التوافق من عدمه بين العامة والنخب السياسية فى إسرائيل.

النص الأصلى:

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved